المطهرة إلاَّ ما خصَّ، والنساءُ أسرعُ الناس انخداعًا، وأقلُّهم نظرًا في العواقب، وأوّلُهم إجابة إلى ما لا يجيبُ إليه العقلاءُ، ولا يُنْفَقُ على مَنْ له أدنى تمييز من الرجال، وهكذا إذا كانت المرأةُ المذكورةُ عارفةً بمدلول ما وقعَ منها من التصرفات، فاهمةً لما يلزم عن ذلك، ولكنها أرادت بذلك استجلاب عِشْرَةِ العشير أو غيرَهُ من القرائنِ، أو إزالةَ ما تجدُهُ من وحشة أخلاقهِ، فإن هذا ارتضاءٌ من النوع الذي ينبغي القضاءُ ببطلانهِ، لأن الرضى المعتبرَ شرعًا، وطيبةَ النَّفسِ مفقودانِ، وللنساء من هذه الأمور عجائبُ وغرائبُ تمنعُ المتديِّنَ أن يجزِمَ عليهنَّ بأمرٍ بمجرَّد أصالةِ صِحَّةِ التصرفِ، وكثيرًا ما ترى المرأة إذا كلَّمها القريبُ بكلمة حسنةٍ، وأظْهَرَ لها أدنى محبةٍ كانت في تلك الحالة طيبةَ النفسِ بأن تصيرَ إليه جميعُ ما تملكُه وإن كان بآلاف مؤلفةٍ، وإذا أظهر لها أدنى خشونةٍ، وأبدى لها بعضَ الميلِ عنها كانت أشدَّ الناسِ عداوةً له وبغضًا، وربما تمنَّتْ حالَ فورةِ غضبها نزولَ العظائم به التي لو نزلَ عليه بعضُها في تلك الحالِ وهي ثائرةَ الغضب [٤أ] لعادتْ باكيةً عليه.
وقد أرشدَ الصادقُ المصدوقُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ إلى هذا الأمرِ من خُلُقِ النساء، فأخبرنا أنَّ الواحدَ منَّا لو أحسن إلى إحداهنَّ الأيامَ المتطاولةَ، ثم لم يحسنْ إليها