للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله عليه وآله وسلم في نقش الكتابةِ إلى صورة لو وقع التلفُّظُ بحروفها المَزْبورةِ لم تكن صلاةً مُنتظِمَةً فمنهم من جوَّز ذلك ومنهم من مَنَعَه، ولم يذكُرْ أحدٌ لقوله مُستَنَدًا فلا نشتغِلُ بنقل كلامِهم فإنه مما لا ينتفِعُ به طالب الحقِّ. ولنتكلّم هاهنا على ذلك بما يلوحُ.

فنقول: أجمع المسلمون أن الصلاةَ على رسول الله التي تعبَّدَنا اللهُ بها في كتابه (١) وعلى لسان رسولِه هي اللفظَّيةُ، ومِن جُملة أفرادِها الصلاةُ عليه عند ذكْرِه يحتاج إلى دليل لأن التكاليفَ الشرعيةَ لا تثبتُ إلا بدليل، سواءٌ كانت واجبةً أو مندوبةً، والبراءةُ الأصليةُ مُستصحِبَةٌ في انتفاء كلِّ فرْدٍ من أفراد الأحكامِ التكلْيفية والوضْعية فلا يُنْتَقَلُ عنها إلا بعد انتهاضِ الناقِلِ بحيث يكون معلومًا أو مظنونًا لا بمجرد الشكِّ والتخْمين وسلوكِ طريقِ التحرِّي والأولوية [٢]، وليس في كتاب الله جل جلالُه ما يدل على التكليف بذلك ولا في سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قولاً ولا فِعْلاً ولا تقريرًا (٢).

أما عدمُ القولِ فلِعَدم وُجْدانِه بعد البحْثِ (٣)، وأما عدمُ الفعلِ فظاهرٌ لأنه صلى الله


(١) لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦].
(٢) تقدم تعريف ذلك كله.
(٣) بل هناك حديث ضعيف:
أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (١/ ٢٧٠ رقم ٥٦٤) وابن عدي في "الكامل" (٣/ ١١٠٠) عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من كتب عني علمًا فكتب معه صلاة عليَّ لم يزل في أجرٍ ما قرئ ذلك الكتاب".
وأورده ابن عرَّاق في "تنزيه الشريعة" (١/ ٢٦٠ رقم ٣٢) وقال: "فيه أبو داود النخعي ـ واسمه سليمان بن عمرو، قال عنه ابن عدي: اجتمعوا على أنّه يضع الحديث. تُعقِّب ـ أي: ابن الجوزي ـ بأنه لم ينفرد به، بل تابعه نصر بن باب، أخرجه الحاكم. قلت: نصر تركه جماعة ووثقه أحمد، وقال ابن عدي: يكتب حديثه والله أعلم".
انظر: "تدريب الراوي" للسيوطي (٢/ ٧٤ - ٧٥).