للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وآله وسلم كان أميًّا (١) لا يكتب (٢)، وإن اتفق منه ذلك نادرًا فهو من باب إظهارِ المُعجزةِ كما ثبت في صحيح البخاريِّ (٣) أن عليًّا لما امتنع من مَحْو اسمِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أخَذَه ومَحاه، وكتب اسمَه ولم يُنْقَل أنه كتب الصلاةَ عليه بعد كَتْبِ اسمِه، فربما كان في هذا الفعلِ مُتَمسَّكٌ لعدم التعبُّدِ بالكَتْبِ المذكورِ، وغن كان لا يصفو عن شُرْب كَدَر النِّزاعِ لأنه يمكن أن يقال: إن ذلك موطنٌ وقع فيه المنْعُ من كتب صورة لفظِ رسول فكيف يمحى، ويثبت ما هو أشدُّ على قلوب الكفار وهو الصلاةُ من الله، فيمكن أن يكون الحاملُ على ترك كتْب الصلاةِ هو هذا، أو غاية هذا إنْ سُلِّم عدمُ انتهاضِ


(١) قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ... } [الأعراف: ١٥٧].
وقال تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨].
(٢) قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: ٤٨].
(٣) رقم (٢٦٩٨) ومسلم رقم (٩٠/ ١٧٨٣).
عن أبي إسحاق، قال: "سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: لما صالح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل الحديبية كتب عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه، بينهم كتابًا، فكتب: محمد رسول الله فقال المشركون: لا نكتب: محمدٌ رسول الله لو كنت رسول الله لم نقاتلك، فقال لعليِّ: "امحهُ" فقال عليّ: ما أنا بالذي أمحاهُ، فمحاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده، وصالحهم على أن يدخل هو وأصحابه ثلاثة أيام، ولا يدخلوها إلا بجلبَّان السلاح، فسألوه: ما جلّبانُ السلاح؟ فقال: "القراب بما فيه".
وفي رواية لمسلم رقم (٩٢/ ١٧٨٣): " ... فأمر عليًّا أن يمحاها فقال عليٌّ: لا. والله لا أمحاها. وكتب ـ يعني عليًّا: ابن عبد الله.