للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغير (١) إلاَّ وهو راضٍ لعبودية أولاده، حتى كأنَّ هذه المسألةَ في أم الكتاب يعرفُها كل مسلم.

وعلى تقدير أنه قد علم بذلك عند الدخول في النكاح، واختار عبودية أولاده فقد عرفتَ أن هذا الاختيار لا يسترقُّ أولاد الأحرارِ. وبعد هذا كلّه فاعلم أنهم قد اتفقوا على أن الولد يلحقُ بأبيه في النسب، وهذا عند التأمل يوجب بطلانَ (٢) ما قالوه من عبودية أولاد الحرِّ الذي تزوّج [٢أ] بأمةِ غيرِه، وبيان ذلك أنه لا معنى للحوقهِ بأبيه في النسب إلاّ أن يكون نسبه كنسبه، وإذا كان نسبه كنسبه فله ما للأحرار باعتبار الأنساب [ .... ] (٣) ثبوت كونهم أحرارًا فكيف يكون ولد الحرِّ عبدًا، وهو يلحقُ بأبيه في النسب!، وهل هذا إلاَّ مناقضةٌ بينةٌ ظاهرةٌ دامغةٌ! فإنه إذا كان عبدًا فقد مسَّه الرِّقُ، ومن مسه الرقُّ فهو أدنى الناس كفاءة، وأضعفهم نسبًا، وأقلهم حسبًا، فما هو هذا النسب الذي استفاده من أبيه، وهو عبد يباع في الأسواق بالتافهِ النَّذْر من القيمة، ويستخدمه من دبّ وراح، ويملكه البّرُّ والفاجر! وإذا كان أمة وطِئَها بالملك الرفيعُ والوضيعُ والحقيرُ والكبير.

وبالجملة فقد كفونا المؤنَة بقولهم: إنه لم يلحق بأبيه في النسب، وأبطلوا نصهم بنصِّهم، ودفعوا قولهم بقولهم، لأن إثبات نسب أبيه له موجبٌ لعدم عبوديته، أو لا يصح أن يقال: إن الفائدة له من إثبات هذا النسب هو كونه يرثُه، لأن المفروض أنه عبد للغير. والرق من موانع الإرث، ولا يصح أن يقال إنه يصير بهذا النسب الذي استفاده من أبيه كفوًا لأمثال أبيه من الأحرار، لأن المفروض أنه عبد، وأنه أدنى الناس كفاءةً،


(١) تقدم ذكره.
وانظر "المغني" (١٤/ ٥٨٩ - ٥٩١).
(٢) انظر "المجموع" (١٦/ ٥١٥)، "مجموع الفتاوى" (٣١/ ٣٧٦، ٣٨٣).
(٣) كلمة غير واضحة في المخطوط.