للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَيْنٌ"، وسلّمنا أنه لا عمومَ في هذه الصيغة، بل هي خاصة بِدَيْنِ الآدميّ فيكون المقدّرُ: فدَيْنُ اللهِ أحقُّ بأن يقضى، أو أحقُّ بالوفاء من دَيْنِ الآدمي، وهو المطلوب على أنّ الدَّيْنَ لا يكون إلاّ لله، أو لآدمي، فالعموم المستفاد من حذف المتعلّق هو كهذا الخاصّ الذي دل على سياق الكلام.

وإنما قلنا: ثبتت مشروعية قضائه، لأن بعض حقوق الله الواجبة على العباد لم تثبت مشروعية قضائها إذا عجز مَنْ هي عليه عنها، أو مات.

وبعضها ثبت مشروعية قضائها على صفة مخصوصة، كالحج، فإنه إنما ورد قضاؤه من القريب كما عرفت، وكذلك الصيامُ، فإنّه إنما ورد "أنّ مَنْ مات وعليه صوم، وصامَ عنه وليُّه" (١). ولم يَرِدْ ما يدلّ على أنه يصوم عنه غيرُ وليه.

إذا تقرّر هذا فالقريب إذا قضى عن قريبه فريضة الحج كان ذلك صحيحًا مجزيًا إجزاءً أحقَّ من إجزاء قضاء القريب عن قريبه ما كان دينًا لبني آدم.

وأما الحجُّ عن العاجز والميت إذا وقع من غير قريب، بل من أجنبيّ بأُجرة، أو بغير أجرة، فهذا لم يأتِ ما يدلُّ على أنه يجري حتى يكون من حقِّ الله الذي هو أحقُّ بأن


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٦٩) والبخاري رقم (١٩٥٢) ومسلم رقم (١١٤٧) وأبو داود رقم (٢٤٠٠) عن عائشة رضي الله عنها.
قال الحافظ في "الفتح" (٤/ ١٩٤) واختلف المجيزون في المراد بقوله: "وليه"، فقيل: كل قريب، وقيل: الوارث خاصة، وقيل: عصمته، والأول أرجح، والثاني قريب. ويرد الثالث قصة المرأة التي سألت عن نذر أمها.
واختلفوا أيضًا هل يختص ذلك بالولي؟ لأن الأصل عدم النيابة في العبادة البدنية، ولأنها عبادة لا تدخلها النيابة في الحياة فكذلك في الموت إلا ما ورد فيه الدليل فيقتصر على ما ورد فيه ويبقى الباقي على الأصل وهذا هو الراجح.
وقيل يختص بالولي فلو أمر أجنبيًّا بأن يصوم عنه أجزأ كما في الحج.
وقيل يصح استقلال الأجنبي بذلك وذكر الولي لكونه الغالب، وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخير، وبه جزم أبو الطيب الطبري وقواه بتشبيهه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك بالدن والدين لا يختص بالقريب.