للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: المنعُ من كونهم فعلُوا ذلك، فما الدليل على أنهم فعلوه؟ ومَنِ الذي فعله منهم؟ فإنّه يبعد كلّ البعد أن يخالفوا ما تواتر عن رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ.

الثاني: أنه لا بدّ أن يأتي المدّعي بالبرهان على ذلك، ويعيِّنَ فاعلَه، وأنه فعله من دون رضى سائر أولاده.

الثالث: أنه على فرض وقوع ذلكمن واحد منهم، أو جماعة، فليسوا بحجة على الأمة، إنما الحجةُ قول رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ وما جاء به عن الله، وكيف يُعارض بأفعالهم قول رسول الله الثابت عنه ثبوتًا متفقًا عليه! وأيّ قائل من أهل العلم قد قال بهذا! أو سبق إليه! فإنه خلافُ إجماع أهل البيت، وسائر المسلمين.

ثم هذه المسألة [٧ب] قد قدمنا الإشارة إلى ما فيها من الخلاف بين أهل العلم، ذكرنا ما ذكره الإمامُ أحمدُ بن سليمان من اتفاق العلماء على ثبوت الحديث، وعلى دلالته على المنع، وتصريحه بأنّ الخلاف إنما هو في مجرّد التفسير والتأويل، وإذا كان الأمر كذلك فمَنْ أحقّ بالنجاة، وأولى بالحقّ هل العاملُ باثني عشر دليلاً ثابتةً عن رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ والمتقدي بجمهور أهل البيت ـ سلام الله عليهم ـ وسائر علماء المسلمين ـ رحمهم الله ـ، أم العاملُ بمجرد الخيالات من التأويلات والتعسُّفات من التفسيرات! مع شذوذ القائلِ بمقاله؟ ولعمري إن هذه موازنةٌ لا تلتبسُ على مَنْ لم يعرفِ العِلْمَ، فكيف بمن عرفَه!.

بعد الفراغ من هذا خطر دليلٌ ثالثَ عشرَ وهو قوله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ: "لو كنت مفضِّلاً أحدًا لفضَّلْتُ البنات" كما سبق نقلُ ذلك، فإن لو حرف امتناع، فمعنى ذلك: لكني لا أفضِّلُ أحدًا، فلا أفضِّلُ البناتِ، وهذا يفيدُ نفيَ التفضيلِ، ويدلُّ