للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: " لا أركب الأرجوان ولا ألبس المعصفر " وهو من رواية الحسن عن عمران بن حصين، ولم يسمع منه فهو منقطع.

وأخرج الطبراني (١) عن عبادة بن الصامت قال: " بصر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - برجل عليه ملحفة معصفرة، فقال: ألا رجل يستر بيني وبين هذه النار؟ " فهذه الأحاديث قاضية بمنع لبس ما كان من الثياب الحمراء (٢) المصبوغة بالعصفر، فيتعين الجمع بين الأحاديث المختلفة المتقدمة بأن يحمل ما روي من لبسه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - للأحمر على ما كان مصبوغًا بغير العصفر، ويحمل ما روي من النهي عن مطلق


(١) أورده الهيثمي في " المجمع " (٥/ ١٥٦) وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(٢) قال الحافظ في " الفتح " (١٠/ ٣٠٦): إن في لبس الثوب الأحمر سبعة مذاهب:
الأول: الجواز مطلقًا جاء عن علي، وطلحة، وعبد الله بن جعفر، والبراء، وغير واحد من الصحابة، وعن سعيد بن المسيب، والنخعي، والشعبي، وأبي قلابة، وطائفة من التابعين.
الثاني: المنع مطلقًا، ولم ينسبه الحافظ إلى قائل معين، إنما ذكر أخبارًا وآثارًا يعرف بها من قال بذلك.
الثالث: يكره لبس الثوب المشبع بالحمرة دون ما كان صبغه خفيفًا، جاء ذلك عن عطاء وطاوس ومجاهد.
الرابع: يكره لبس الأحمر مطلقا لقصد الزينة والشهرة، ويجوز في البيوت والمهنة. جاء ذلك عن ابن عباس.
الخامس: يجوز لبس ما كان صبغ غزله ثم نسج، ويمنع ما صبغ بعد النسج، جنح إلى ذلك الخطابي.
السادس: اختصاص النهي بما يصبغ بالعصفر، ولم ينسبه إلى أحد.
السابع: تخصيص المنع بالثوب الذي يصبغ كله، وأما ما فيه لون آخر غير أحمر فلا، حكى عن ابن القيم أنه قال بذلك بعض العلماء.
قال الحافظ: والتحقيق في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه لبس الكفار، فالقول فيه كالقول في المثيرة الحمراء، وإن كان من أجل أنه زي النساء، فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء، فيكون النهي عنه لا لذاته، وإن كان من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمنع، حيث يقع ذلك، وإلا فلا فيقوي ما ذهب إليه مالك في التفرقة بين لبسه في المحافل وفي البيوت.