للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحمر وإنكاره على المقيد بكونه مصبوغًا بالعصفر، فيكون الممنوع لبسه من أنواع الأحمر هو المصبوغ بالعصفر فقط دون غيره، وهذا الجمع متعين وهو الراجح عندي (١).

ويؤيده ما أخرجه أحمد (٢) وأبو داود (٣) والنسائي (٤) عن ابن عمر: " أنه كان يصبغ ثيابه ويدهن بالزعفران، فقيل: لم تصبغ ثيابك وتدهن بالزعفران؟ فقال: إني رأيته أحب الأصباغ إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يدهن به ويصبغ به ثيابه " ولا شك أن المصبوغ بالزعفران يكون أحمر.

ولا يعترض على هذا بأن يقال قد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر " أنه قال: وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يصبغ بها، فأنا أحب أن أصبغ بها " لأنا نقول: المراد بالصبغ هاهنا خضاب اللحية.

قال المنذري (٥): واختلف الناس في ذلك، فقال بعضهم: أراد الخضاب للحية بالصفرة. وقال آخرون: أراد تصفير الثياب. انتهى. وقد جزم الخطابي (٦) بأن المراد [١٠] خضاب اللحية، ولكنه زاد أبو داود (٧) والنسائي ما لفظه: وكان يصبغ بها ثيابه كلها، ولا يخفاك أن الذي جزمنا بمنعه هو المصبوغ بالعصفر فقط، والمذكور في هذا الحديث الصبغ بالصفرة، وقد قدمنا أن العصفر (٨) يصبغ صباغًا أحمر، حتى قال ابن القيم (٩):


(١) انظر " نيل الأوطار " (١/ ١٤٦ - ١٥٣) و" المفهم " (٥/ ٤٠٠).
(٢) في " المسند " (٢/ ٩٧).
(٣) في " السنن " رقم (٤٠٦٤).
(٤) في " السنن " (٨/ ١٤٠) وهو حديث صحيح.
(٥) في " مختصر السنن " (٦/ ٣٨).
(٦) في " معالم السنن " (٥/ ٣٣٨ - هامش السنن).
(٧) في " السنن " رقم (٤٠٦٤).
(٨) انظر " القاموس " (ص٥٦٧).
(٩) في " زاد المعاد " (١/ ١٣١).