للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغير من دون أن يطالبه بحجة.

ولهذا قال أهل الأصول (١) في حد التقليد أنه قبول قول الغير دون حجته، فكل مقلد يعترف على نفسه بأنه لا يطالب بالحجة ولا يتعقلها، فضلاً عن أن يعلم بحكم الله سبحانه.

إذا تقرر هذا، فاعلم أن خلاصة ما أجبت به في الجواب المشار إليه سابقًا عن السؤال المتقدم ذكره هو: أن المحل الذي يسكنه الخصمان إن كان فيه من يتمكن من الحكم بينهما بالشريعة المطهرة على الوجه الذي لخصناه هاهنا، فلا يجوز لأحدهما أن يطالب الآخر بالخروج إلى قاض آخر في مكان غير المكان الذي يسكنانه؛ لأن ذلك مجرد إتعاب، ومحض مشقة، وإن لم يكن فيه من هو كذلك بل لم يوجد فيه قاض، أو وجد فيه، وهو غير عالم بحكم الله - سبحانه - على الوجه المتقدم ذكره، فالواجب [٤أ] الترافع إلى قاض يعرف ما شرعه الله لعباده، وإن بعد مكانه؛ لأن الترافع إلى من لا يعرف الشريعة ليس بترافع إلى الشريعة، ومجرد وجود اسم القاضي لا يستلزم أن يوجد في ضمنه المسمى بلا خلاف. وسنورد الآن لفظ الاعتراض الواقع من السائل - كثر الله فوائده - على جوابي الذي هذا خلاصته، وأتعقب كل بحث منه بما يرد عليه، سالكًا في جميع ذلك مسلك الإنصاف، واقفًا على ما ينبغي الوقوف عنده من القواعد العلمية، ماشيًا على قواعد علم المناظرة (٢)، غير خارج عن قوانينها المدونة، فأقول: قال - كثر الله فوائده -: وأشكلت علينا فيما ذكرتموه مسألتان، أحببنا عرضها عليكم.

المسألة الأولى: إلزامكم لأولاد القاضي تسليم نصف الأجرة.

المسألة الثانية: في الاستدلال على تكليف الغرماء للرحيل من جهة إلى جهة بالآيتين الكريمتين، فأما المسألة الثانية فالإشكال فيها من وجوه:


(١) انظر " إرشاد الفحول " (ص٨٦٠). وانظر الرسالة رقم (٦٠).
(٢) تقدم ذكرها.