للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجماعات، والمرسل أصح. وقال ابن حزم (١): لا يصح؛ لأن الحارث مجهول، وشيوخه لا يعرفون. قال: وادعى بعضهم فيه التواتر، وهذا كذب، بل هو ضد التواتر؛ لأنه ما رواه أحد غير أبي عون عن الحارث، فكيف يكون متواترًا! وقال عبد الحق (٢): لا يسند ولا يوجد من وجه صحيح.

وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (٣): لا يصح، وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه ويعتمدون عليه، وإن كان معناه صحيحًا. وقال ابن طاهر في تصنيف له مفرد في الكلام على هذا الحديث: اعلم أني فحصت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت عنه من لقيته من أهل العلم، فلم أجد له غير طريقين: إحداهما عن شعبة، والأخرى عن محمد بن جابر، عن أشعث بن أبي الشعثاء عن رجل من ثقيف، عن معاذ وكلاهما لا يصح. قال: وأقبح ما رأيت قول إمام الحرمين في كتاب أصول الفقه أن العمدة في هذا الباب على حديث معاذ. قال: وهذه زلة منه، ولو كان عالمًا لما ارتكب هذه الجهالة. قال الحافظ ابن حجر (٤): أساء الأدب على إمام الحرمين، وكان يمكنه أن يعبر بألين من هذه العبارة [٦ب]، مع أن كلام إمام الحرمين أشد مما نقله عنه، فإنه قال: والحديث مدون في الصحاح، متفق على صحته، لا يتطرق إليه التأويل. قال: وقد أخرجه الخطيب في كتاب الفقيه والمتفقه (٥) من رواية عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، فلو كان الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتًا لكان كافيًا في صحة الحديث. وقد استند أبو عباس القاضي في صحته إلى تلقي أئمة الاجتهاد والفقه له بالقبول. قال: وهذا القدر مغن عن مجرد الرواية، وهو نظير أخذهم بحديث: " لا وصية لوارث " مع كون رواية


(١) في " الإحكام " (٦/ ٣٥).
(٢) في " الأحكام الوسطى " (٣/ ٣٤٢).
(٣) (٢/ ٧٥٨ رقم ١٢٦٤).
(٤) في " التلخيص " (٤/ ٣٣٧).
(٥) (١/ ١١٤)، (٢/ ٢٨٤).