للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمارة على العموم، وعن القضاء على الخصوص، لكن له مروحات ومسليات، وهي الأحاديث الواردة في الترغيب في ذلك.

وقد أوردت الجميع في شرحي للمنتقى (١)، ولو لم يكن من الترغيبات في ذلك إلا حديث عمرو (٢) وأبي هريرة (٣) المتفق عليهما بلفظ: " إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران "، ورواه الحاكم (٤) والدارقطني (٥) من حديث عقبة بن عامر، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر بلفظ: " إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله عشرة أجور " ورواه أحمد (٦) أيضًا من حديث عمرو، وطرقه يشهد بعضها لبعض، فيكون ثبوت العشرة الأجور بدليل هو حسن لغيره، وثبوت الأجرين بدليل صحيح، والزيادة مقبولة إذا كانت غير منافية للأصل، كما في هذا.

فالحاكم المجتهد هو في كل ما يأتي من الأحكام فائز مع الإصابة بعشرة أجور، ومع الخطأ بأجر، وهذا مرغب عظيم، ومحسن جليل، فإن الخطأ بالنسبة إلى غير القاضي غاية أمره أن لا يكون فيه عقوبة أخروية مع ثبوت غالب اللوازم الدنيوية كالدية في قتل الخطأ والكفارة ونحو ذلك، فلله در قوم يؤجرون على الخطأ! ويا ويح قوم يعذبون على الإصابة وهم القضاة الذين يحكمون بالحق، ولا يعلمون بأنه الحق، فانظر كم هذا


(١) " نيل الأوطار " (١/ ٥٠١) (٥/ ٥٣٦).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٧٣٥٢) ومسلم رقم (١٧١٦).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٧٣٥٢) ومسلم رقم (٢٧١٦) وأبو داود رقم (٣٥٧٤) وابن ماجه رقم (٢٣١٤) وقد تقدم في الرسالة (١)، وفي الرسالة (٢).
(٤) في " المستدرك " (٤/ ٨٨).
(٥) في " السنن " (٤/ ٢١٠ رقم ٤) بإسناد ضعيف.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله: " فرج ضعفوه ". وانظر الرسالة رقم (٦٠)
(٦) في " المسند " (٤/ ١٩٨، ٢٠٤، ٢٠٥).