الشرعية بالنقض. ومن قال: إن هذا من عمل القاضي فهو لا يدري ما هو القضاء، بل الذي يجب على القاضي [٢٠ب] أن يقول للورثة المتخاصمين إليه بكيفية القسمة على الفرائض الشرعية، ويقول للمتخاصمين في الشفعة بعد أن يحكي له العدل صورة الأسباب: إن المستحق للشفعة صاحب هذا السبب دون هذا، ونحو ذلك، وينبغي له أن يقول للخصوم قبل بعث العدل أو العدول: عرفاني بصفة الأسباب التي تتنازعان فيها، فإن اتفقا على أمر كان ذلك مغنيًا له عن بعث غيرهم، وإن لم يتفقا أخذ على العدل أو العدول تصوير صورة ذلك على وجه التمام، فربما تقصر عبارة بعض الناس عن حكاية ما قد شاهده على التمام. وهكذا في سائر الأمور المشابهة لهذا. وأما إذا كان من يأمره القاضي بالنظر في القضية من المتأهلين للحكم فيها بالشريعة المطهرة، فلا حرج على القاضي في ذلك، وسواء كان المأمور قاضيًا أو غير قاض؛ فإن تفويضه من القاضي يجعله بمنزلة القاضي، وله أن يفوض الحكم إليه، لأنه يثق منه بأنه لا يزيغ عن الحق لورعه وأمانته، ولا يحكم خبطًا وجزافًا لعلمه بالشريعة المطهرة، وتأهله للحكم بها، ولكنه لما كان مأمورًا بأمره مباشرًا بتفويضه كان عليه أن ينظر في حكمه، ومستنده أخذًا بالجزم، وعملا بالعزيمة؛ فإن المتأهل غير معصوم من الخطأ، وقد يخفى عليه مع علمه بالشريعة بعض دقائقها، فإذا اعتضد نظره بنظره، واجتمع علمه مع علمه كان ذلك غاية ما يجب، ونهاية ما يلزم.
قال - كثر الله فوائده -: ولو صح لمجتهد وجوب الإجابة إلى غير الجهة مع وجود حاكم معتبر في البريد (١) لما لزم الغير اجتهاده، ولا وجب على الراعي إلزام رعيته بذلك، سواء كان مجتهدًا أو مقلدًا. ولا يخفاكم أن الحاكم لا يلزم غيره اجتهاده إلا بعد حصول شرائط التداعي بين الخصمين، هذا إذا كان المقصود هو السلوك في المنهج الشرعي [٢١أ]، وإبلاء العذر بين يدي الله تعالى، وإن كان القصد غير ذلك من نفوذ الكلمة