للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواقع لا في الحكم دليلا على تخطئة المجتهد، وأنه ليس بمصيب من الإصابة من نصب الدليل على خلاف محل النزاع.

وإذا تقرر أن الخلاف في هذه المسألة لا ثمرة له فلا تشنيع على من ذهب إلى أن كل مجتهد مصيب من الإصابة، ولا يليق الإنكار عليه [٤ب]، ولا يقال في حقه: إنه متقول على الله وعلى رسوله، وإنه جاء برأي فاسد، ومذهب باطل خصوصًا مثل الإمام المهدي أحمد بن يحيى (١) - عليه السلام - فالناس في القطر اليمني عالة عليه، وإن ادعوا خلاف ذلك.

قوله - أبقاه الله -: وقلتم: والاجتهاد - إلى قوله - وأقول: هذه الكلية ممنوعة ... إلى آخر الكلام، وهو قريب من نصف كراسة اشتملت على بيان تفاوت العلماء في الاستنباط، وعلى تقسيم المجتهد لنفسه، ومجتهد يحكم أو يفتي، أو يؤلف، وأنه يشترط في الثاني ما لا يشترط في الأول.

نقول: أما تفاوت العلماء (٢) فلا شك في ذلك، وقل أن يترشح أحد من أبناء الزمان


(١) تقدمت ترجمته.
(٢) انظر " المغني " (١٤/ ١٥ - ١٦).
وقال الحافظ في " الفتح " (١٣/ ١٤٦): قال أبو علي الكرابيسي صاحب الشافعي في " كتاب آداب القضاء " له: لا أعلم بين العلماء ممن سلف خلافًا أن أحق الناس أن يقضي بين المسلمين من بان فضله وصدقه وعلمه وورعه، قارئًا لكتاب الله، عالمًا بأكثر أحكامه، عالمًا بسنن رسول الله حافظًا لأكثرها وكذا أقوال الصحابة، عالمًا بالوفاق، والخلاف وأقوال فقهاء التابعين، يعرف الصحيح من السقيم يتبع في النوازل الكتاب فإن لم يجد فالسنن فإن لم يجد عمل بما اتفق عليه الصحابة، فإن اختلفوا فما وجده أشبه بالقرآن ثم بالسنة ثم بفتوى أكابر الصحابة عمل به، ويكون كثير المذاكرة مع أهل العلم والمشاورة لهم مع فضل وورع، ويكون حافظًا للسانه وبطنه وفرجه، فهمًا بكلام الخصوم، ثم لا بد أن يكون عاقلا ماثلا عن الهوى، ثم قال: وهذا وإن كنا نعلم أنه ليس على وجه الأرض أحد يجمع هذه الصفات، ولكن يجب أن يطلب من أهل كل زمان أكملهم وأفضلهم.