للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في العلم، ولم يكن إيراد ما أوردناه على من قال بأنها لا تجب الإجابة إلى حاكم خارج عن الجهة مع وجود حاكم مجتهد فيها، وكيف يورد ذلك على شيء قد جزمنا به غير مرة، وارتضينا، فما معنى قوله - كثر الله فوائده -: بل كتب أئمتنا وغيرهم مصرحة بعدم وجوب الخروج (١) إن أراد بهذا المغالطة فهو أجل من ذلك، وإن أراد التهويل على المجيب فهو لا يهاب إلا الدليل، لا القال والقيل.

قوله - عافاه الله -: لأنه لم يتعرض لذكر مصب الغرض ... إلخ.

أقول: سبحان الله وبحمده، تعرضنا له في الجواب الأول الذي بخطي لديكم، وتعرضنا له في الأبحاث البديعة مرة بعد مرة، فما هذا الإنكار؟ وأين الإنصاف؟.

قوله - عافاه الله -: هذا الترديد ليس واردًا من أصله ... إلخ.

أقول [٢أ]: لم أسمع إلى الآن في علم المناظرة بأنه يجاب عن سؤال الاستفسار بمثل هذا الجواب؛ لأنه في حكم سؤال مستقل، فكيف يقال لا يرد، فإنه لو جاز دفع الأسئلة بمثل هذا لاستراح كل مسئول، ثم لو فرضنا أن هذا السؤال لم يحرر هذا التحرير بل حرر تحرير النقص الإجمالي أو التفصيلي، أو المعارضة فهو ناشئ عن منشأ صحيح مقبول؛ لأنكم قلتم: إن الآيتين مختصتان برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فلو فرضنا أنه لم يكن في كلامكم إلا هذا فقط لصح أن يقال: هل لغيره بعد موته حكمه في هذا الأمر أم لا؟ فهل يقال هذا الترديد غير وارد على مثل هذا الكلام على فرض أنه لم يكن في الكلام سواه، فكيف وقد صرحتم بأن ذلك مختص برسول الله، ولا يلحق به


(١) قال الشوكاني في " السيل الجرار " (٣/ ٤٧٦ - ٤٧٧):
ولكن إنما تجب الإجابة بشرطين:
١ - أن يكون الحاكم الذي طلب إليه جامعًا للشروط السابقة وإلا فهو ليس بحاكم بل متوثب على ما ليس له، داخل فيما لا يحل له الدخول فيه قاعد في مقعد يجب من باب النهي عن المنكر إقامته منه.
٢ - أن لا يكون في طلب الوصول إلى الحاكم الذي طلب الوصول إليه إضرار بالخصم وإتعاب له إذا كان يمكن وجود غيره بدون ذلك.