للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التقديرين فلا يكون الإفراد مؤيدًا لكون ذلك من باب أعجبني زيد وكرمه، ويأبى ذلك أيضًا قول السائل - كثر الله فوائده -: عقب ذلك: فلا يثبت هذا الحكم لغير رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إلا بالقياس ... إلخ؛ فإن هذا هو كالنتيجة لذلك التأييد، ومعناه أنه لا يثبت لغيره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من الناس ما ثبت له، ولو كان ذلك تأييدًا لما قاله الزمخشري لكان المناسب أن يقول فلا يثبت ذلك لله - سبحانه -، ويأبى ذلك أيضًا قول السائل - عافاه الله - عقب ذلك، وهكذا يقال في آية سورة النساء، فإنه لا يصح [٤ب] أن يقال في هذه الإشارة كما قيل في الإشارة الأولى، لأن ما في سورة النساء ليس فيه ذكر الدعوة إلى الله، ولا التحكيم له، وإن كان يريد أن الإشارة إلى ما قاله من الاختصاص به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - دون غيره من الناس كان الكلام غير متناسب الأطراف، ولا متلائم الضمائر والإشارات، والأمر في مثل هذا سهل، ولكن لما قال - عافاه الله - إن ذلك واضح لا يخفى أردنا أن نبين له ما فيه من الخفاء وعدم الوضوح.

قوله: وأنشده بالله هل يجزم متدين ... إلخ.

أقول: إن كان هذا التشديد والتهديد الكائن في الآيتين الكريمتين هو لرفع منار الشرع الذي شرعه الله في محكم كتابه، وعلى لسان رسوله، فهو باق بين أيدينا، والتعبد به مستمر، وليس تعبد السلف به يخالف تعبد الخلف فالسمع والطاعة، وكذلك عدم الحرج والتسليم ليست للقاضي بل للشريعة التي هي كتاب الله وسنة رسوله، وليس هذا التشديد تعظيمًا بالنسبة إلى عظم الشريعة المطهرة التي هي سبب الفوز بالجنة، والنجاة من النار، فكيف لا يجزم المتدين على من حكم عليه بما شرعه الله أنه لا يكون مؤمنًا حتى يسمع ويطيع ويسلم لحكم الله غير متحرج ولا متأسف، وإن كان ما في هاتين الآيتين ليس المقصود به إلا تعظيم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وتعريف الأمة بما يجب له من الحق، فقد عرفوا من حقه ما هو أدخل من ذلك في التعظيم، فإن الله - سبحانه - قد أخبرهم أنه أولى بهم من أنفسهم، ولم نقل ولا قال