إلى أن قلت: ولم يتقدم مني ما يدل على هذا لا بمطابقة، ولا تضمن، ولا التزام. بل حاصل ما أجبت به إلى آخر ما سردته في تلك الأبحاث. فأخبروني هل هذا مكتوب لديكم في تلك النسخة المرسلة أم لا؟ وهل بعد هذا التصريح والتنصل وتقرير محل النزاع، وجوابه مرة بعد مرة! فإن كنتم قرأتم هذا وفهمتوه فما بالكم توردون علي ما لم أقل به وتحملون كلامي ما لا يحتمله! فإن هذه المباحثة الجارية بيني وبينكم في هذه المادة مركبة على غير قياس، ومبنية على غير أساس، وبيان ذلك أني أجبت في جوابي الأول بالفرق بين وجود الحاكم المجتهد في المحل وعدمه، فجاء عنكم ما يفيد أنكم قد نسيتم هذا أو تناسيتموه، فأجبت عليكم بالرسالة وكررت هذا، وتنصلت من ذلك الوهم الذي وهمتوه [٥ب] في مواضع من تلك الرسالة، فظننت أن ذلك من الإطناب والتكرير الذي تمجه الأسماع، فلما وصلت منكم هذه المباحثة الآخرة ازداد تعجبي، وترددت هل أحملكم على عدم الاطلاع على جميع ما قد كتبته إليكم، أو على عدم الإنصاف إن حملتكم على عدم الاطلاع فكيف تعترضون على ما لم تطلعوا عليه! وإن حملتكم على عدم الإنصاف فما هو الظن بكم؟ فأنتم أهله ومحله.
قوله - كثر الله فوائدكم -: وإن قلتم: إن ذلك دعوى، والعمل هو الشاهد وهذا الفرس والميدان ... إلخ.
أقول: وهذا أيضًا هو من جنس ما فرغنا منه، فإني قلت في تلك الأبحاث عند أن ذكرتم أن لديكم من هو متأهل للنظر، وجامع للشروط ما لفظه: أقول: هذا مسلم فإن في أهل ذلك البيت الشريف، والمحتد العالي المنيف من هو كذلك وفوق ذلك، بل وفي الواردين إليه المستقرين فيه، ولسنا ممن ينكر وجود المجتهدين في ذلك المحل الذي هو محط رجال العلوم والآداب، انتهى بلفظه وحروفه. فهل وجدتم هذا مزبورًا في تلك الأبحاث المسماة " بالأبحاث البديعة "؟. إن قلتم: نعم ففيم طلب المبارزة لمن قد سلف منه هذا الاعتراف. وإن قلتم: لم نقفوا عليه هنالك فأعيدوا نظرًا، فإنه مزبور هنالك بيقين، ووجوده يكفينا عن المخاطرة بالمناظرة، وتغنينا عن أن يقال لنا: ما قاله الشاعر: