للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: وإذا تقرر أن الخلاف في هذه المسألة لا ثمرة له ... إلخ.

أقول: كيف يقال هذا وأحد القولين (١) جازم بأن حكم الله في الحادثة التي اختلفت فيها الأقوال هو واحد فقط، والقول الآخر جازم بأن حكم الله في تلك الحادثة التي اختلفت فيها الأقوال هو واحد فقط، والقول الآخر جازم بأن حكم الله في تلك الحادثة متعدد بحسب تعدد أقوال المجتهدين، فإذا لم يكن لهذا الخلاف ثمرة فلا ثمرة لكل خلاف.

قوله - كثر الله فوائده -: وإن ادعوا خلاف ذلك.

أقول: هذا يعود على ما قد تم من قولكم، وهذا الفرس والميدان بالنقض، فإن من كان عالة على عالم من علماء الإسلام فهو ليس من الاجتهاد في قبيل ولا دبير، ولا من أهلية النظر في ورد ولا صدر.

قوله: ويعتقد أنه بلغ إلى رتبة لم يبلغها غيره .. إلخ.

أقول: أما هذا الاعتقاد فقد صان الله عنه علماء الاجتهاد، فإنهم وإن بلغوا إلى المراتب العلية يزدادون اعترافًا بأنهم مقصرون لاطلاعهم على مؤلفات الأئمة الأكابر في كل فن، وتراجم المحققين الذين لا يلحق بهم غيرهم خصوصًا الذين قطعوا غالب العمر في فن فإنهم يبلغون في تحقيقه ما لا يتهيأ لمن اشتغل بفنون أن يلحق بهم في ذلك الفن، فكل مجتهد يعترف بقصوره عن رتبة سيبويه وأمثاله في النحو، والرازي وطبقته في الأصول، والسكاكي وأشباهه في علم البلاغة، وأحمد بن حنبل وأنظاره [٦ب] في الحديث، والشافعي ونحوه في الفقه، والزمخشري ومن يلتحق به في التفسير. وهكذا غير هذه الفنون لها رءوس يعترف كل عارف بقصوره عن اللحوق بهم.

قوله - كثر الله فوائده -: حاكيًا لكلامي في الأبحاث البديعة أنه لا يحل لأحد أن يقوم مقام الإرشاد وللعباد مع وجود من هو أعلم بالشريعة ... إلخ.

أقول: قد أسقط - عافاه الله - من كلامي قيدًا هو مذكور في النسخة التي لديه


(١) تقدم ذكره مرارًا.