للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظلم، والحكم بالحق لا يمكن إلا بإرسال الأعوان (١)، وحفظه في السجن كان ذلك مما يتم الواجب إلا به فوجب علينا فعله، وحل لنا إلزامه (٢) بما يطلبه الأعوان والسجان من الأجرة على وجه العدل، فإنه ظالم. وقد سمى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فعله ظلمًا فقال: «لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته» كما ثبت في الصحيح (٣). والعقوبة لا تختص بنوع معين، بل يجوز لنا أن ننزل به ما يصدق عليه اسم العقوبة، وأحق العقوبات ما لا يمكن استخلاص الحق منه إلا به من الحبس، وأجرة السجان


(١) في هامش الأصل: قد صرح المفرعون في هذا الموضع وهو الموضع الرابع من الأجر التي هي إلى الإمام وحده بجوازها للحاكم. قال في حواشي الأزهار: أو حاكمه أو المجيب، أو من جهة الصلاحية تمت.
قال صاحب " الأزهار " (٣/ ٤٥٣ مع السيل) وأجرة السجان والأعوان من مال المصالح، ثم من ذي الحق كالمقتص.
وقال الشوكاني في " السيل " (٣/ ٤٥٩): قوله: " وأجرة السجان والأعوان من مال المصالح. ثم من ذي الحق كالمقتص ".
أقول - الشوكاني - هذا صحيح لأنه يحصل بهم نفاذ حكم الشرع وتمام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن تعذر الأخذ لهم من مال المصالح كان لهم الأجرة ممن تمرد عن الحق فلم يمتثل لحضور مجلس الشرع إلا بإحضار الأعوان له، ومن المحبوس بحق لأنهما الجانيان على أنفسهما بسبب الإخلال بما هو واجب عليهما.
وأما قوله: " ثم من ذوي الحق " فلا وجه له، ولا وجه لقياسه على المقتص لأن المباشر للقصاص نيابة عمن هو إليه لا واجب عليه بخلاف الخصم الذي لم يمتثل للإجابة إلى الشرع، أو صار في الحبس بسبب عدم تخلصه مما يجب عليه. فإن الحق ثابت وهو مخل بما يجب عليه شرعًا، فأين هذا ممن يتولى القصاص بالنيابة، فإنه أجير كسائر الأجراء.
(٢) في هامش المخطوط: المعاقبة بأخذ المال ليست إلا للإمام فقط كما هو صريح كلام أهل الفروع فليحقق ويبحث عن الدليل.
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ٢٢٢، ٣٨٨، ٣٨٩) والبخاري (٥/ ٦٢) تعليقًا وأبو داود رقم (٣٦٢٨) والنسائي (٧/ ٣١٦) وابن ماجه رقم (٢٤٢٧).
وقد تقدم وهو حديث حسن.