لمجرد تهمة، أو كان الأمر ملتبسًا على الحاكم وهو يرجو اتضاح الحق بعد طول الخصومة، وكان يخشى نفور أحد الخصمين فاستوثق منه بحبسه على من تكون أجرة السجان والأعوان.
قلت: يكون هاهنا من مال المصالح، فإن لم يكن مال مصالح، أو كان ولا يمكن الوصول إليه للحاكم أن يجعلها بعد اتضاح الحال على من كان متعديًا مخاصمًا في باطل، لأنه بسبب تفعله إلى لزوم ما لزم من الأجرة، وهكذا ينبغي أن يكون أجرة هؤلاء من مال المصالح إذا كان المسجون ممن يخشى على الناس من ضرره إذا أطلق كمن تكرر منه السرق، أو قطع الطريق، أو الأذية للمسلمين بنوع من الأنواع، وكان لا يندفع ضرره عنهم إلا بحفظه في السجن كمن كان ينزجر بإقامة الحد عليه، فإنه لا يحل حبسه بعد ذلك [٢ب] , وهكذا تكون أجرة السجان والأعوان من مال المصالح إذا كان الحبس لمسوغ شرعي نحو من يجب عليه القصاص، وفي الورثة قاصر أو غائب، وهو مسلم لنفسه غير ممتنع من استيفاء حكم الله منه، فإن لم يكن ثم مال مصالح، أو كان ولا يمكن الوصول إليه كان ذلك من المقتص.
وبالجملة فمن كان محبوسًا بحق عليه يجب عليه التخلص منه وهو متمكن من ذلك. وقد تقرر الحق عليه بحكم الشرع، فما لزم بسبب سجنه فعليه لا على غريمه، ولا على خصمه، ومن كان أمره ملتبسًا وكان حبسه سائغًا لوجه من الوجوه فما لزم فمن مال المصالح، فإذا لم يكن مال مصالح فللحاكم أن يجعله على من صح أن يخاصم في باطل، ومطالب بما لا يقتضيه الشرع عمدًا منه مع علمه، ومن كان محبوسًا لمصلحة راجعة إلى المسلمين، أو كان باذلاً لما عليه من الحق لكنه عرض ما يقتضي الانتظار كان ذلك من مال المصالح، فإن لم يكن فللحاكم أن يجعله من المسلمين إذا كان الحبس لمصلحتهم، أو ممن له الحق إذا كان الحبس لمصلحته.