للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واجب (١) عليه.

وأما ما سأل عنه من الجراية (٢) التي يأخذها القاضي من بيت المال، وأنه لم يجد لذلك مستندًا إلا ما ذكره، فاعلم أن أموال المصالح (٣) كالخراج، والجزية، والمعاملة، وسائر ما يصدق عليه اسم بيت المال لا شك ولا ريب أن مصرفه الذي ينبغي وضعه فيه هو


(١) في هامش المخطوط: قال هلا كان مما لا يتم الواجب إلا به وهو يجب كوجوبه ما تحقق له من تقدم الواجب، فإن تقدمها قد وجب حتى يتنبه الخصم ففعله هو من عهدة الخصم فهو عليه.
(٢) قال الحافظ في " الفتح " (٣/ ١٥٠): قال الطبري: ذهب الجمهور إلى جواز أخذ القاضي الأجرة على الحكم لكونه يشغله الحكم عن القيام بمصالحه. غير أن طائفة من السلف كرهت ذلك ولم يحرموه مع ذلك.
وقال أبو علي الكرابيسي: لا بأس للقاضي، أن يأخذ الرزق على القضاء عند أهل العلم قاطبة من الصحابة ومن بعدهم، وهو قول فقهاء الأمصار لا أعلم بينهما خلافًا. وقد كره ذلك قوم منهم مسروق، ولا أعلم أحدًا منهم حرمه.
وقال المهلب: وجه الكراهة أنه في الأصل محمول على الاحتساب لقوله تعالى لنبيه: {قل لا أسألكم عليه أجرا} فأرادوا أن يجري الأمر فيه على الأصل الذي وضعه الله لنبيه، ولئلا يدخل فيه من لا يستحقه فيتحيل على أموال الناس.
وأما من غير بيت المال ففي جواز الأخذ من المتحاكمين خلاف، ومن أجازه شرط فيه شروطًا لا بد منها، وقد جرى القول بالجواز إلى إلغاء الشروط، وفشا ذلك في هذه الأعصار بحيث تعذر إزالة ذلك والله المستعان.
وانظر: " المغني " (١٤/ ٩ - ١٠).
(٣) قال الحافظ في " الفتح " (١٣/ ١٥٠ الباب رقم ١٧): قوله " باب رزق الحاكم والعاملين عليها. والرزق ما يرتبه الإمام من بيت المال لمن يقوم بمصالح المسلمين، وقال المطرزي: الرزق ما يخرجه الإمام كل شهر للمرتزقة من بيت المال. والعطاء ما يخرجه كل عام، ويحتمل أن يكون قوله " والعاملين عليها " عطفًا على الحاكم، أي ورزق العاملين عليها أي على الحكومات. ويحتمل أن يكون أورد الجملة على الحكاية يريد الاستدلال على جواز أخذ الرزق بآية الصدقات، وهم من جملة المستحقين لها لعطفهم على الفقراء والمساكين ... ".