وقيصر، فما تركوه وهو قليل بالنسبة إلى ما أعطاهم الله - عز وجل - ذلك شيء خارج عما نحن بصدده من كفاية الإمام لمن يقوم بأمر من أمور المسلمين.
فإن قلت: إذا كان للرجل القائم بعمل من أعمال المسلمين أعوان ينفذون له ما يريده من الأمر والنهي، غير أهله ومن يعول ولا يتم له ما يؤيده من القيام بالحق إلا بهم نحو من يحتاج إليه للأخذ على يد الظالم والنصفة للمظلوم، واستخلاص الحق ممن هو عليه لمن حوله، ومن يحتاجه لتحرير السجلات، وتقرير الخصومات، وحفظ ما يكون لديه من الأحكام، ومن يحجبه عن الناس في الأوقات التي يخلو فيها بنفسه وأهله لحوائجه الخاصة [٦أ] التي يسوغ له الشرع الاحتجاب لها، ولا سيما إذا كان انفراده بنفسه، لتدبير الأمور المتعلقة به، والبحث عن أدلة المسائل التي تعرض له، والنظر في دفاتر العلم المدونة، وفي مجاميع السنة، وكتب التفسير؛ فإن ذلك من أهم الأمور، بل من أوجب ما يجب عليه، فقد يعرض له في اليوم الواحد من المسائل العويصة الدقيقة ما يحتاج إلى أوقات كثيرة يستغرقها في البحث والنظر حتى يظفر فيها بالصواب، ويجتهد رأيه فيما لا تتضح قرينة دلالته، أو معارض مآخذه.
قلت: يجب على الإمام أن يعرض لهؤلاء جميعًا من الأرزاق ما يغنيهم عن التكالب على أموال الناس، والتهافت على الحطام، والتلاعب بأهل الخصومات، فإن كفاية هؤلاء الوزعة والحجبة والكتبة من أهم الأمور التي تلزم أئمة المسلمين، فيجعل لهم أرزاقًا تقوم بهم، أو يوفر على القاضي ونحوه رزقه توفيرًا تقوم به وبأهله ووزعته وحجبته وكتبته، فإن تقاصرت أموال الله عن القيام بما يحتاج إليه هؤلاء كان على القاضي أن يفرض لهم من الأجرة على من يستحق الفرض عليه من أهل الخصومات بقدر أعمالهم على التفصيل الذي قدمنا تحريره.
فإن قلت: فما تقول فيما نقله السائل - كثر الله فوائده - عن روضة النووي (١) أن