للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الدين - المردودة، لأنه إن قد صح للحاكم ما قد أقامه الخصم فذاك، ولا وجه للتكميل، وإن لم يصح ألزمه أن يأتي بالنصاب من الشهادة على الحد المشروع، فما وجه ما يفعلونه.

السؤال الرابع: أنه قد علم من قواعد الشريعة المطهرة أن العدالة معتبرة في الشهادة بقوله تعالى: قال تعالى: {ممن ترضون من الشهداء} (١) أو بقوله تعالى: {اثنان ذوا عدل منكم} (٢)، وهي في اللغة (٣) التوسط في الأمر من غير إفراط ولا تفريط في الزيادة والنقصان. وقد حدها الأصوليون (٤) بما لا يوجد له معنى إلا في رجل معصوم كما لا يخفى.

وقد استحسن العلماء ما قاله الشافعي (٥) في حقيقة العدل حيث قال: لو كان العدل من لم يذنب لم نجد عدلاً، ولو كان كل ذنب لا يمنع من العدالة لم نجد مجروحًا، ولكن من ترك الكبائر، وكانت محاسنه أكثر من مساويه فهو عدل انتهى. [١ب] وعلى كل تقدير فلا بد من معرفة حال الشاهد ليعلم الحاكم عدالته المعتبرة، ولذا قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لشاهدين شهدا عنده: إني لا أعرفكما ولا يضركما أني لا أعرفكما ائتيا بمن يعرفكما، فأتاه رجل فقال: كيف تعرفهما؟ قال: بالصلاح والأمانة، قال:


(١) [البقرة: ٢٨٢].
(٢) [المائدة: ١٠٦].
(٣) انظر " لسان العرب " (٩/ ٨٥ - ٨٦).
(٤) انظر: " البحر المحيط " (٤/ ٢٧٤)، " الكوكب المنير " (٢/ ٣٨٩).
(٥) قال الشافعي في " الأم " (١٣/ ٣٨٠): وليس من الناس أحد نعلمه إلا أن يكون قليلا بمحض الطاعة والمروءة حتى لا يخلطهما بشيء من معصية ولا ترك مروءة، ولا بمحض المعصية ويترك المروءة حتى لا يخلطه شيء من الطاعة والمروءة، فإذا كان الأغلب على الرجل الأظهر من أمره الطاعة والمروءة، قبلت شهادته، وإذا كان الأغلب الأظهر من أمره المعصية وخلاف المروءة ردت شهادته.
وانظر الرسالة (ص٤٩٣).