للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معتمد، ولا إجماع يحتج به على خلاف في ذلك، فحديث معاذ (١) وإن كان فيه مقال لبعض أهل العلم فطرقه قد كثرت جدًا، وبعضها حسن لذاته، ومجموعهما ينتهض للاحتجاج به.

وقد جمعت في ذلك بحثًا واستوفيت فيه جميع طرقه فالواجب على الحاكم أن ينظر في نصوص الكتاب والسنة، فإن وجد ذلك فيهما قدمه على غيره، فإن لم يجده أخذ بالظواهر منهما، وما يستفاد بمنطوقهما ومفهومهما، فإن لم يجد نظر في أفعال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ثم في تقريراته لبعض أمته ثم في الإجماع إن كان يقول بحجيته، ثم في القياس على ما يقتضيه اجتهاده.

وإذا أعوزه ذلك تمسك بالبراءة الأصلية، وعليه عند التعارض بين الأدلة أن يقدم طريق الجمع على وجه مقبول، فإن أعوزه ذلك رجع إلى المرجحات المذكورة في كتب الأصول بعد أن يصح له أن ذلك المرجح مرجح.

وقد ذكرت نحوًا من هذا في إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، وذكرت قول من قال إن النصوص لا تفي بالحوادث، وتعقبت ذلك بما فيه [ ....

.] (٢) وعندي أن من استكثر من تتبع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وجعل ذلك دأبه، ووجه إليه همته، واستعان بالله - عز وجل - واستمد منه التوفيق، وكان معظم همه، ومرمى قصده الوقوف على الحق، والعثور على الصواب من دون تعصب لمذهب من المذاهب وجد فيهما ما يطلبه فإنهما الكثير الطيب، والبحر الذي لا ينزف، والنهر الذي يشرب منه كل وارد عليه، والمعتصم الذي يأوي إليه كل واحد فاشدد يديك على هذا فإنك إن قبلته بصدر منشرح، وقلب موفق، وعقل قد حلت به الهداية، وجدت فيهما كل ما يطلبه من الأحكام التي تريد الوقوف على دلائلها كائنًا ما كان، فإن


(١) وهو حديث ضعيف وقد تقدم.
(٢) كلمة غير واضحة في المخطوط.