للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه (١) عن اليمين أو رده لليمين على الخلاف فيهما، فهذه أسباب الحكم لا يجوز لحاكم أن يحكم على مقتضى الشريعة المطهرة إلا مع وجود شيء منها لا لمجرد الموافاة من أحد الخصمين من دون الآخر، فإن ذلك لم يأت في شيء من الشريعة إلا في هذا الحديث المسئول عنه، وإن كان الذي لم يواف هو المدعي فلا يجوز قطع حقه إلا بيمين المدعى عليه أو بإقراره ببطلان دعواه، ولا خلاف في هذين، أو بعلم الحاكم ببطلان الدعوى، أو بنكوله عن اليمين المردودة.

الوجه العاشر: أن هذا القضاء لمجرد الموافاة المذكورة من أحد الغريمين دون الآخر كما يخالف ما ذكرناه من أسباب الحكم يخالف أيضًا قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الثابت في الصحيح (٢) " وإنما أقضي بما أسمع " فإنه قد صرح في هذا أنه إنما يقضي بما يسمعه، والقضاء بمجرد الموافاة مع غيبة الغريم ليس مما يصدق عليه ذلك.

الوجه الحادي عشر: أن حديث الباب كما يخالف ما تقدم يخالف أيضًا حديث علي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: " يا علي، إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول؛ فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء " أخرجه ..........................


(١) منها ما أخرجه الدارقطني (٤/ ٢١٣ رقم ٢٤) والحاكم (٤/ ١٠٠) والبيهقي في " السنن الكبرى " (١٠/ ١٨٤). من حديث ابن عمر: " أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رد اليمين على طالب الحق ".
وهو حديث ضعيف. وقد تقدم.
* يجوز الحكم بيمين الرد لأن من عليه الحق قد رضي بها سواء قلنا إنها تجب على المدعي عند ردها من المنكر أم لا.
* وأما النكول فلا يجوز الحكم به لأن غاية ما فيه أن من عليه اليمين بحكم الشارع عليه بقوله: " ولكن اليمين على المدعى عليه " فعلى القاضي أن يلزمه بعد النكول عن اليمين بأحد أمرين: إما اليمين التي نكل عنها أو الإقرار بما ادعاه المدعي وأيهما وقع كان صالحًا للحكم به.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٦٩٦٧) ومسلم رقم (٤/ ١٧١٣) من حديث أم سلمة.