الوجه الرابع عشر: أن هذا الحديث المسئول عنه كما يخالف القواعد الشرعية يخالف أيضًا ما كانت عليه الجاهلية فإن شاعرهم يقول:
فإن الحق مقطعه ثلاث ... يمين أو شهود أو جلاء
الوجه الخامس عشر: أن الحديث الصحيح المتفق عليه (١)، وهو قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " إذا اجتهد فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر " يفيد أنه لا بد من الاجتهاد، وهو بذل الجهد في معرفة المحق والمبطل من الخصمين وإذا حكم بمجرد الاختلاف من أحد الخصمين لعذر شرعي، أو لغير عذر، فلم يجتهد في القضية ولا حكم بالسوية.
الوجه السادس عشر [٣أ]: أنك إذا عرفت ما قدمنا فالحديث المسئول عنه إن كان غير بالغ إلى درجة الاعتبار فهو غير محتاج إلى الكلام عليه، لأنه لا يجوز العمل به على فرض عدم معارضته لما هو أرجح منه، وعدم مخالفته للقواعد الشرعية، فكيف إذا كان معارضًا بما هو أرجح منه، ومخالفًا للقواعد الشرعية!.
الوجه السابع عشر: أنا لو فرضنا أنه بالغ إلى درجة الاعتبار، وفرضنا عدم إمكان تأويله على وجه مقبول فهو مطرح لما قدمنا من مخالفته لقواعد الشريعة المطهرة.
الوجه الثامن عشر: أنه يمكن تأويله بأن يقال: قد قدمنا أن في متنه ما يفيد أنها قد تقدمت الخصومة عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قبل المواعدة فيمكن أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قد كان سمع من الخصمين ما يفيد جواز الحكم إما من المدعي كالبينة، أو من المدعى عليه كاليمين، أو نحو ذلك.
الوجه التاسع عشر: يمكن أن يكون النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بعد مفارقة الخصمين له على ذلك الوعد علم بالوحي أن الذي سيوافيه هو المحق فحكم له، وظن