للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة:

اعلم أن الأمر بالمعروف (١)، والنهي عن المنكر، هما أعظم أساطين الدين، وحكم قناطر الإسلام، وأهم أحكام الشريعة المطهرة، بل هما إذا كانا قائمين كان الدين على أتم قيام، وأكمل نظام، وإن لم يكونا قائمين في العباد، ولم يوجد في البلاد من يقوم بهما: تخولفت الشرائع الإسلامية، وتعطلت الشعائر الإيمانية، وقال من شاء من أهل الجسارة ما شاء، وفعل من لم يكن زاجر ديني ما أراد، لعدم وجود من يأخذ على أيديهم من القائمين بحجة الله في عباده. ولهذا وردت الآيات القرآنية، والأحاديث الصحيحة في الحث على ذلك، والمدح العظيم لفاعلهما، والزجر الوخيم لتاركهما، فمن قدر على ذلك، فقد حمل العبء الكبير، وقام بالأمر الجليل الخطير، ولا يزال يزداد قوة وتمكنًا وثباتًا، حتى يتم له ما لم يكن له في حساب، ولا خطر له على بال، ولا مر له على خيال، وصار رأسًا للفرقة التي قال فيها الصادق المصدوق: " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين " (٢)، وكان من القائمين بحجة الله في بلاده، على عباده، وفاز بالأجر العظيم الذي وعد الله سبحانه به عباده الصالحين، القائمين بما قام به، وإن أدرك من النفس الأمارة بعض جبن في بعض الأحوال، وأنس من طبيعته خورًا وضعفًا في بعض المقامات، فليعلم أن ذلك من وسوسة الشيطان الرجيم، لأنه أشد


(١) تقدم ذكر أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(٢) * أخرجه البخاري رقم (٣٦٤٠) ومسلم رقم (١٧١/ ١٩٢١) من حديث المغيرة.
* وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٧٠/ ١٩٢٠) من حديث ثوبان قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ".
* وأخرجه البخاري في صحيحه رقم (٣٦٤١) ومسلم رقم (١٧٤/ ١٠٣٧) من حديث معاوية قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: " لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس ".