للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا تعلم أنه قد أسفر الصبح لذي عينين، بأن بين المقامين مسافات تتقطع فيها أعناق الإبل، ومفاوز تبيت دونها سوابق المطي، بل بين المقامين ما بين الأرض والسماء، ولا بد أن ينتهي أمر هذا القائم بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى التمام على ما يطابق المرام ويوافق رضاء الملك العلام، لأنه قام هذا المقام؛ لتكون كلمة الله هي العليا، وذو الحق غلاب بنصوص السنة والكتاب. وقد صح عنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -أنه " سئل عن الرجل يقاتل حمية وشجاعة، ويرى موضعه، أيهم في سبيل الله فقال: " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " (١).

فهذا القائم بحجة الله عز وجل هو في أعظم الجهاد وهو في سبيل الله عز وجل، لأنه لم يفعل ذلك لغير هذا القصد، فإن لم ينجز عمله، ويحصل أمله بسرعة حصل ولو بعد حين، كما وعد الله سبحانه عباده.

ويتصور عند قيامه في هذا المقام تصفية النية من كدورات الرياء، والمقاصد التي ليست


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٨١٠) و (٧٤٥٨) ومسلم رقم (١٩٠٤).