للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبلغ حد الظن تصلح للحكم بها على خصمه وغريمه!.

وإذا تقرر هذا علمت أن ما ذكره - دامت إفادته - إنما يتم لو كان المتهم هو السارق قطعًا وبتًا، أما إذا كان الاحتمال كائنًا فالواجب البقاء على الأصل حتى ينقل عنه ناقل، ولا سيما في إثبات مثل هذا الأمر المستلزم للعقوبة في البدن والمال، والموجب للشناعة والعار، فلا مانع من رجوع المتهم في اعتقاد صاحب العين على من باعها منه إن كان قد باعها منه بائع، فلا يتم قوله - دامت إفادته -: أن حكم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - له برجوعه بالثمن يفيد أنه غير المتهم ... إلخ [٥أ].

قال - كثر الله فوائده -: وقد مشى على هذا الظاهر أعني: أن الرجل في حديث سمرة مشتر [أخرجه] (١) ابن ماجه في سننه فقال: باب من سرق له شيء فوجده في يد رجل اشتراه ... إلخ.

أقول: هذا التبويب، بل وقوله في متن الحديث: يبيعه ليس في شيء منهما ما يمنع من الإطلاق والتقييد الذي أشرنا إليه، لما قدمنا من أن المتهم لا يلزم أن يكون هو السارق لا عقلاً ولا شرعًا، ولا عادة، فلا يمتنع أن يكون مشتريًا غير سارق مع كونه متهمًا، وهذا ظاهر لا يخفى، فيكون مجرد كونه متهمًا بالسرق عند صاحب العين مسوغًا لأخذ العين منه، وهو إذا كان في الواقع غير سارق، بل صارت إليه العين بشراء أو غيره فلا ظلم عليه، لأنه سيرجع بما سلمه على من باع منه.

فإن قلت: كيف كان مجرد كونه متهمًا مسوغًا لأخذ العين منه بغير موجب! ومجرد كونه غير متهم مانعًا لأخذ العين منه إلا بتسليم العوض.

قلت: لأن من كان غير متهم بالسرقة عند صاحب العين المسروقة فهو بريء عنده من السرقة، فيكون أخذ العين منه بلا عوض ظلمًا بحتًا في اعتقاد الآخذ فضلاً عن غيره.


(١) زيادة استلزمها السياق.