للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتهى، وقد طلبته في سنن أبي داود في كثير من الأبواب التي يظن وجوده فيها كالفرائض والخراج، والإقطاع، والنفقات، والجهاد، والغزوات، والهجرة، وغير ذلك فلم أجده (١) حتى أنظر في إسناده، وأتكلم عليه، ولعله موجود في غير هذه الأبواب.

ويدل على ذلك تكلم الخطابي عليه (٢)، فإنه قال: كما وجدته نقلا عنه أنه يشبه أن يكون ذلك على معنى القسمة بين الورثة، وإنما خصهن بالدور لأنهن بالمدينة غرائب لا عشيرة لهن، فاختار لهن المنازل لما رأى من المصلحة، قال: ويجوز أن تكون الدور [٢ب] في أيديهن على سبيل الرفق بهن للسكنى (٣) لا للتمليك كما كانت حجر النبي


(١) لتقر عينك يا بدر الإسلام فقد وجدته في سنن أبي داود (٣/ ٤٥٩ رقم ٣٠٨٠) كتابا الخراج والإمارة والفيء بابا رقم (٣٧) في " إحياء الموات " بإسناد صحيح.
حدثنا عبد الواحد بن غياث، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الأعمش عن جامع بن شداد، عن كلثوم، عن زينب أنها كانت تفلي رأس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده امرأة عثمان بن عفان ونساء من المهاجرات، وهن يشتكين منازلهن أنه تضيق عليهن ويخرجن منها، فأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تورث دور المهاجرين النساء، فمات عبد الله بن مسعود فورثته امرأته دارا بالمدينة.
(٢) في " معالم السنن " (٣/ ٤٥٨): قال الخطابي قد روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه أقطع المهاجرين الدور بالمدينة " فتأولوها على وجهين:
أحدهما: أنه إنما كان أقطعهم العرصة ليبتنوا فيه الدور، فعلى هذا الوجه يصح ملكهم في البناء الذي أحدثوه في العرصة.
ثانيهما: أنهم إنما أقطعوا الدور عارية، وإليه ذهب أبو إسحاق المروزي، وعلى هذا الوجه لا يصح الملك فيها وذلك أن الميراث لا يجري إلا فيما كان المورث مالكا له، وقد وضعه أبو داود في باب " إحياء الموات " فقد يحتمل أن يكون إنما أحيا تلك البقاع بالبناء فيها إذ كانت غير مملوكة لأحد من قبل والله أعلم.
وقد يكون نوع من الإقطاع من غير تمليك، وذلك كالمقاعد في الأسواق والمنازل في الأسفار إنما يرتفق بها ولا تملك.
(٣) قال الخطابي في " معالم السنن " (٣/ ٤٥٨): وهو أن تكون الدور في أيديهن مدى حياتهن على سبيل الإرفاق بالسكنى دون الملك، كما كانت دور النبي وحجره في أيدي نسائه بعده لا على سبيل الميراث فإنه قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نحن لا نورث، ما تركناه صدقة ". البخاري رقم (٣٠٩٣) ومسلم رقم (١٧٥٩) من حديث أبي بكر الصديق.
ويحكى عن سفيان بن عيينة أنه قال: كان نساء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في معنى المعتدات لأنهن لا ينكحن، وللمعتدة السكنى، فجعل لهن سكنى البيوت ما عشن ولا يملكن رقابها.