للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أيدي نسائه، انتهى من الجامع.

ومما له مدخل في المقام ما نقله صاحب الفتح (١) عن ابن التين قال في سياق الكلام في الإقطاع: إنه إنما يسمى إقطاعا إذا كان من أرض أو عقار، وإنما يقطع من الفيء، ولا يقطع من حق مسلم، ولا معاهد، قال: وقد يكون الإقطاع تمليكا وغير تمليك، وعلى الثاني يحمل إقطاعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الدور بالمدينة.

قال الحافظ (٢): كأنه يشير إلى ما أخرجه الشافعي (٣) مرسلا، ووصله الطبراني (٤): " أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لما قدم المدينة أقطع الدور " يعني أنزل المهاجرين في دور الأنصار برضاهم. انتهى.

وأقول: كما يحتمل ما أشار إليه الحافظ يحتمل أيضًا أنه أشار إلى حديث زينب المذكور، وعلى كل حال فالدور التي خصص بها - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - المهاجرين هي الدور التي نزل بها المهاجرون عند الهجرة من دور الأنصار لإذنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لهم بالسكون فيها، ولرضى أربابها بذلك، بل رضي كثير منهم بالمشاطرة للأنصار في الأموال، بل والأزواج فعرضوا عليهم أن ينزل من كان له زوجتان عن أحدهما [٣أ] (٥)، وإذا كان الأمر كذلك فالدور بأيدي المهاجرين عارية


(١) أي ابن حجر (٥/ ٤٨).
(٢) في الفتح (٥/ ٤٨).
(٣) في مسنده (٢/ ١٣٣ رقم ٤٣٥ - ترتيب المسند).
(٤) في " المعجم الكبير " (١٠/ ٢٧٤ رقم ١٠٥٣٤) من حديث ابن مسعود وأورده الهيثمي في " المجمع " (٤/ ١٩٧) وقال: رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " ورجاله ثقات وهو حديث صحيح.
(٥) أخرج البخاري في صحيحه رقم (٥٠٧٢) عن أنس بن مالك قال: قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، وعند الأنصاري امرأتان، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله. فقال: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق، فأتى السوق فربح شيئا من أقط وشيئا من سمن، فرآه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أيام وعليه وضر من صفرة فقال: " مهيم يا عبد الرحمن؟ " فقال: تزوجت أنصارية، قال: فما سقت؟ قال: وزن نواة من ذهب، قال: " أولم ولو بشاة ".
وقد ذكر الحافظ في الفتح (٩/ ١١٧، ٢٣٥) مناقب للحديث منها:
- استحباب المؤاخاة وحسن الإيثار من الغني للفقير حتى بإحدى زوجتيه.
- استحباب الدعاء للمتزوج.
- استحباب العيش من عمل المرء بتجارة أو حرفة أولى لنزاهة الأخلاق من العيش بالهبة ونحوها.
- سؤال الإمام والكبير أصحابه وأتباعه عن أحوالهم ولا سيما إذا رأى منهم ما لم يعهد.
- وفي الحديث منقبة لسعد بن الربيع في إيثاره على نفسه.