للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (١)، وأن ذلك نسخ بآيات المواريث، وهي قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} إلى آخر الآيات، وإن كانت كلمة أهل العلم متفقة على النسخ، فمعنى النسخ لغة (٢): الإزالة والإبطال والتغيير، قال في القاموس (٣): نسخه كمنعه أزاله وغيره وأبطله، وأقام شيئا مقامه، انتهى. فمعنى نسخ الوصية للوارث إزالتها وتغييرها وإبطالها في إقامة المواريث مقامها (٤)، ولو كانت جائزة بعد نسخها لم يكن كذلك، بل يكون الجمع بينها وبين آيات المواريث التي هي الناسخة جائزا، فلا إزالة، ولا تغيير، ولا إبطال، ولا إقامة للناسخ مقام المنسوخ.

نعم. لو ربط القائلون بهذه المقالة ما يدعونه بدليل كان ذلك مقبولا على حد قبول الدليل، وأما الدعاوى المجردة لا سيما إذا كانت مخالفة لما هو الأصل، والحقيقة الشرعية (٥)، واللغوية (٦)، ........................................


(١) [البقرة: ١٨٠].
(٢) "مقاييس اللغة" (٥/ ٤٢٤ - ٤٢٥).
(٣) (ص ٣٣٤)
(٤) قال ابن كثير في تفسيره (١/ ٤٩٢): اشتملت هذه الآية الكريمة على الأمر بالوصية للوالدين والأقربين، وقد كان ذلك واجبًا- على أصح القولين- قبل نزول آية المواريث، فلما نزلت آية الفرائض نسخت هذه وصارت المواريث المقدرة فريضة من الله، يأخذها أهلوها حتمًا من غير وصية ولا تحمل منة الموصي. ولهذا جاء الحديث: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث".
وانظر: "الناسخ والمنسوخ" لأبي جعفر النحاس (١/ ٤٨٢ - ٤٨٦).
وقال الشافعي في "الرسالة" (ص ١٣٩): "وجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنه من أهل العلم بالمغازي، من قريش وغيرهم لا يختلفون في أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال عام الفتح: "لا وصية لوارث، ولا يقتل مؤمن بكافر" ويأثرونه عمن حفظوا عنه ممن لقوا من أهل العلم بالمغازي، فكان هذا نقل عامة عن عامة وكان أقوى في بعض الأمر من نقل واحد عن واحد وكذلك وجدنا أهل العلم عليه مجتمعين".
(٥) تقدم توضيحها مرارًا
(٦) تقدم توضيحها مرارًا