للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مضروب عليهم، فالتقاطهم مضروب عليهم.

أما الصغرى فلا شك أن الإجبار على مثل هذا الصغار من [أبلغ] (١) أنواع الذلة في العرف واللغة.

وأما الكبرى فلعدم صحة إرادة ذلة مخصوصة لما عرفت، ويدل لعدم صحة هذه الإرادة قول الله تعالى:} وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ {(٢) والمراد بالبعث التسليط كما ذكره العلامة (٣)، ولا يخفى ما في الإضافة إلى العذاب المحلى من إباء إرادة المعين وما في جعل يوم القيامة غاية من الدلالة على عدم إرادة مخصوص.

الدليل الثالث: قول الله تعالى:} لهم في الدنيا خزي {(٤) قال جار الله (٥): قتل، وسبي، أو ذلة بضرب الجزية. وقيل فتح مدائنهم قسطنطينية (٦)، ورومية الكبرى، وعمورية.

وأقول: تعين ما به الخزي لا يكون إلا توفيقًا أن يراد به خزي كثير، أو خزي عظيم


(١) في (ب): أعظم أبلغ.
(٢) [الأعراف: ١٦٧].
(٣) الزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٥٢٦).
(٤) [البقرة: ١١٤]. قال ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (١ \ جـ ١/ ٥٠٠): قوله: (لهم في الدنيا خزي) فإنه يعني بالخزي: العار والشر والذلة إما القتل والسباء، وإما الذلة والصغار بأداء الجزية.
(٥) يعني الزمخشري في "الكشاف" (١/ ٣١٣ - ٣١٤).
(٦) أخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (١ \ جـ ١/ ٥٠١): عن السدي قوله: (لهم في الدنيا خزي) أما خزيهم في الدنيا: فإنهم إذا قام المهدي وفتحت القسطنطينية قتلهم فذلك الخزي، وأما العذاب العظيم: فإنه عذاب جهنم الذي لا يخفف عن أهله، ولا يقضى عليهم فيموتوا.
وانظر: "الجامع لأحكام القرآن" (٢/ ٧٩).