للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض. وتأمل ما ثبت في الحديث بلفظ: "لا يجتمع دينان" (١)، "لا يبق دينان بأرض العرب" (٢). "لا تجتمع قبلتان" (٣). "المسلم والكافر لا تتراءى ناراهما" (٤) عرف العلة [٢ ب] التي هي الباعثة على الأمر بالإخراج، وعرف الزيادة التي يجب قبولها عند كمال شروطها بالاتفاق في أي الجانبين هي، وتبين له لزوم الإلحاق بالعلة المنصوصة، ولاح له أن مفهوم حديث "أخرجوا اليهود من الحجاز" لا يعارض منطوق ما في الصحيحين وتقرير الأدلة على وجه يلوح به رجحان وجوب (٥) إخراجهم من جميع جزيرة العرب


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٢٧٥).
من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: آخر ما عهد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن قال: "لا يترك بجزيرة العرب دينان". وهو حديث صحيح لغيره.
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٨٩٢).
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٢٢٣) وأبو داود رقم (٣٠٣٢). من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا تصلح قبلتان في أرض، وليس على مسلم جزية". وهو حديث ضعيف.
(٤) أخرجه أبو داود رقم (٢٦٤٥). من حديث جرير بن عبد الله أن رسول الله بعث سرية إلى خثعم فاعتصم ناس بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأمر له بنصف العقل وقال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. قالوا: يا رسول الله: ولم؟ قال: لا تتراءى ناراهما".
وهو حديث صحيح دون جملة [العقل].
(٥) قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (٥/ ٢٤١): هذا الحديث الذي فيه بالإخراج من الحجاز فيه الأمر بإخراج أهل نجران كما وقع في حديث - ابن عباس- وليس نجران من الحجاز، فلو كان لفظ الحجاز مخصصًا للفظ جزيرة العرب على انفراده، أو دالًّا على أن المراد بجزيرة العرب الحجاز فقط، لكان في ذلك إهمال لبعض الحديث، وإعمال لبعض، وإنه باطل. وأيضًا غاية ما في حديث أبي عبيدة الذي صرح فيه بلفظ: الحجاز. أن مفهومه معارض لمنطوق ما في حديث ابن عباس المصرح فيه بلفظ جزيرة العرب، والمفهوم لا يقوي على معارضة المنطوق، فكيف يرجح عليه؟ فإن قلت: فهل يخصص لفظ جزيرة العرب المنزل منزلة العام لما له من الإجزاء بلفظ الحجاز عند من جوز التخصيص بالمفهوم.
قلت: هذا المفهوم من مفاهيم اللقب وهو غير معمول به عند المحققين من أئمة الأصول حتى قيل: إنه لم يقل به إلا الدقاق، وقد تقرر عند فحول أهل الأصول: أن ما كان من هذا القبيل يجعله من قبيل التنصيص على بعض الأفراد لا من قبيل التخصيص إلا عند أبي ثور.
* أهل الحجاز: الحجاز: مكة، والمدينة، والطائف، ومخاليفها؛ لأنها بين نجد وتهامة، أو بين نجد والسراة، أو: لأنها احتجزت بالحرار الخمس، حرة بني سليم، وواقم، وليلى، وشوران، والنار.
"القاموس" (ص ٦٥٣).