للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روي عن ابن مسعود وحذيفة أنهما كانا جالسين، فجاء رجل، فسألهما عن شيء فقال ابن مسعود لحذيفة: لأي شيء ترى تسألوني عن هذا؟ قال: يعلمونه ثم يتركونه، فأقبل إليه ابن مسعود وقال: ما سألتمونا عن شيء من كتاب الله نعلمه إلا أخبرناكم به، أو سنة من نبي الله [١] إلا أخبرناكم، ولا طاقة لنا بما أحدثتم.

وقال عطاء: لما سئل عن شيء فقال: لا أدري، فقيل له: ألا تقول برأيك؟ قال: إني لأستحي من الله أن يدان في الأرض برأيي. وكان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به، وإن لم يكن في الكتاب وعلم في ذلك سنة قضى بها، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين، فقال: أتاني كذا وكذا، فإن لم يجد عندهم سنة، جمع رءوس الناس وخيارهم، فإن أجمع رأيهم على أمر قضى به.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: وأبردها على الكبد إذا سئلت عما لا أعم أن أقول: الله أعلم (١).

وجاء رجل إلى ابن عمر يسأله عن شيء فقال: لا علم لي، ثم التفت بعد أن قفى الرجل، فقال: نعم، قال ابن عمر: سئل عما لا يعلم فقال: لا علم لي؛ يعني نفسه (٢).

قال ابن عباس لما رأى طاوسًا يصلي ركعتين بعد العصر، فقال ابن عباس: اتركهما، فقال طاوس: إنما نهى عنها أن تتخذ سلمًا، قال ابن عباس: فإنه قد نهى عنها فلا أدري أتعذب عليها أم تؤجر؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (٣).


(١) أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" رقم (١٥٦٩).
(٢) أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" رقم (١٥٦٦) بسند صحيح.
(٣) [الأحزاب: ٣٦].
أخرجه ابن كثير في تفسيره (٦/ ٤٢٣) وابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٣١٣٤ - ٣١٣٥ رقم ١٧٦٨٨)، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٦١٠) وعزاه لابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وعبد الرزاق.
فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هاهنا، ولا رأي، ولا قول.