للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسم الفاعل من بعد تقضيه على من أطلق عليه حقيقة كما استظهر به لا يفيده فيما يريده من الاستدلال؛ فإن الذمي إذا أعطى الجزية وهو صاغر فقال: صدق عليه الصغار، ودام عليه بإعطاء الجزية، وما صحبها من الصغار، فلا اشتراط أن يخلفه صغار آخر من التقاط الأزبال، أو نحوه، كما أراده، ثم إن الصغار هو الذل كما قاله المفسرون، وأئمة اللغة. وقال في القاموس (١) الصغر كعنب والصغارة بالفتح خلاف العظم الأولى في الحرم، والثانية في القدر، وصغر ككرم وفرح صغارًا وصغر كعنب، وصغر محركة، وصغرانًا بالضم انتهى المراد.

وقال خير الأئمة (٢) المقدم في التفسير على الأئمة في تفسير الصغار أن تقبض الجزية من اليهودي، وتوجئ عنقه، وكذا عن غيره (٣) من المفسرين نحوه لم يذكر خصوص هذا الالتقاط. وقال الإمام المهدي عليه السلام في البحر الزخار (٤): مسألة: ويلزمهم إصغارهم عند العطاء لقوله: {وهم صاغرون} قيل: معناه أن يطأطئ الذمي رأسه، ونصب الجزية، وكف المستوفي بلحيته إن كانت، ويضرب بيده في لهازمه.

وقيل: أن يعطي الجزية قائمًا، والمستوفي قاعدًا، وقيل: يعطيها باليمين، والمستوفي يأخذها بالشمال، وهذه الكيفيات مستحبة، إذ لا يجب من العقوبات إلا الحدود.

وقيل: معناه إجراء أحكام الإسلام عليهم، وامتثال ما قضى به حكامنا انتهى.

نعم، وكل هذا لا يدل على خصوص المدعى من الأخبار على الالتقاط لا لغة ولا شرعًا، وما كأنه أراد إلا أن التقاط شيء ما يتم معنى الآية إلا به، فإن أراد أن الآية عموم، وأن المراد كل صغار حتى يدخل الالتقاط في الجملة فأين صيغة العموم؟ وإن أراد أن الصغار المراد في الآية هو الالتقاط فلا بد من نقل عليه إما لغوي أو شرعي، وأما ما


(١) (ص ٥٤٥).
(٢) انظر "تفسير القرآن العظيم" (٤/ ١٣٣)، "جامع البيان" (٦/ جـ١٠/ ١١٠).
(٣) انظر "الجامع لأحكام القرآن" (٨/ ١١٥).
(٤) (٥/ ٤٥٩).