للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يناف عزة الإسلام، وإهانة الكفر وأهله. وقد لزم مما قرره المجيب في دليله هذا الباطل وما لزم عنه الباطل فباطل.

ويقال له أيضًا: كبرى القياس ممنوعة، وسند المنع مصادمتها للنصوص الصريحة إذ يلزم من تلك الكلية نهب أموالهم، وسفك دمائهم، وسبي ذراريهم، ومنعهم طيبات أموالهم من مأكل ومشرب وغير ذلك؛ إذ هو محصل للذلة، واللازم باطل فالملزوم مثله.

ولنا أن نعارض ذلك القياس بقياس من الشكل الأول بأن نقول: إجبارهم على الالتقاط غير ما دون فيه من الشارع، وكل ما لم يأذن به الشارع حرام، فإجبارهم على الالتقاط حرام، ثم ذكر قياسين آخرين ظاهري الاختلال بمثل ما ظهر به الأول، وذكر في سند كلية الكبرى دليلًا من الكتاب، وهو قوله تعالى: {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم} (١) الآية. ويريد أن سوء العذاب عام، وأنه يدخل تحته ما استنبطه من الإجبار على الالتقاط، وهو مبني على أنا مكلفون بما أخبر الله به من إنزال العقوبة بهم، وفيه ما في الأول فلا نكرره (٢).

ثم قال: الدليل الثالث: قال الله تعالى: {لهم في الدنيا خزي} (٣) وفسر الآية بما هو يدندن حوله، وإلا فالتفاسير مروية عن السلف من الجزية، والسبي، والقتل إن لم يكن توقيفًا، فما صدق عليه الخزي كافٍ، وأي خزي أعظم من أداء الجزية، والذلة، وفتح المدائن، والقتل والسبي! فما الدليل على دخول الالتقاط إن أراد العموم، فلا صيغة، وما الدليل على أن التنكير هنا فيه معنى العموم؟

وجعله التنكير للتعظيم والتنكير (٤)، وأن لا شيء أبلغ في الخزي مما نحن فيه غير مسلم؛


(١) [الأعراف: ١٦٧].
(٢) انظر رد الشوكاني في الرسالة رقم (١٦٨).
(٣) [البقرة: ١١٤].
(٤) لعلها التكثير.