للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما يبلغ الإنسان طاقته ... ما كل ماشية بالرحل شملال (١)

قال: وأقول: لا يشك ذو مسكة ودربة إلى قوله، ثم الصغار.

أقول: قد ذكرت في تلك الرسالة أن دعوى اختصاص الصغار ببعض ما فيه ذلك، أو بوقت دفع الجزية أحدًا لظاهر التقييد، كما فهمه المعترض ممنوع، ثم أوردت سند المنع، وسقت كلام الأئمة، فأغمض المعترض عن جميع ذلك، ومنع السند منعًا مجردًا لعدم صحة دليله، وهو خلاف ما تقرر في علم الجدل.

ثم جاء بمقدمة النزاع فجعلها دليلًا، فوقع في مضيق المصادرة، وهو أيضًا مخالف لما تقرر في علم العقول، فكثر الله في المناظرين من أمثاله، وما حمله على ذلك إلا عدم التدبر لكلام خصمه.

غزلت لهم غزلًا فم أجد ... لغزلي نساجًا فكسرت مغزلي

ثم ذكر بعد ذلك معنى الصغار، واستظهر على تخصيصه ببعض أنواعه بما نقله عن المفسرين (٢) والبحر (٣) وهو كلام قد عرفناه وأشرنا في تلك الرسالة إلى أنه تحكم.

ثم إن المعترض نقل كلام البحر (٤) في صفة الصغار عند إعطاء الجزية، ولم ينقل ما في البحر في السير من إلزامهم أنواعًا من الصغار، بل لم ينقل ما في الأزهار هنالك، ولعله لم يحضر ليحال الاعتراض إلا ذلك.

فمالك والتلدد حول نجد ... وقد غصت تهامة بالرجال

قال: نعم وكل وهذا لا يدل على خصوص المدعي إلى قول: غير محل النزاع.

أقول: كلا شقي الترديد غير ما أوردناه، بل المراد أن هذا نوع من الصغار المأذون لنا [٣] بإلصاقه بهم، إلا أن يمنع عنه مانع شرعي، ولا مانع فيما نحن بصدده، وعدم أمر


(١) قال في "لسان العرب" (٧/ ٢٠٥): جمل شمل وشملال وشمليل: سريع.
(٢) انظر "الجامع لأحكام القرآن" (٨/ ١١٥).
(٣) (٥/ ٤٥٩).
(٤) (٥/ ٤٥٩).