للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن ذلك عار وشنار وحطة تلحق الإسلام، على أن المسلمين قد دخلوا في حرف كثيرة فيها دناءة وصغار وإن لم يبلغ في الجد هذه، فهلا قيل: إنه لا عز للإسلام مع ذلك.

وقد تقدم أنه لا فرق بين نقل الأزبال إلى الأموال ونقلها إلى الحمامات، وجرى بالأول العرف الذي لا ينكر، كما جرى بالثاني في جميع أقطار اليمن، ومضى عليه الأولون.

وهاهنا أيضًا مانع من الاستدلال بالآية: على العموم، وأن سياق الآية يفهم خلاف ذلك وهي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} (١) قال أبو السعود في تفسير قوله: (٢): {يجاهدون في سبيل الله} صفة أخرى لقوم، مترتبة على ما قبلها \ مبنية مع ما بعدها لكيفية، عزتهم، أو حال من الضمير في أعزة.

قوله: فأي عز لمسلم يعمد إلى حشوش اليهود، ويحمل أزبالهم، وأي فضيلة لإخوانه المسلمين المقرين له على ذلك العمل إلخ.

أقول: هذا مما لم نعلم بوقوعه عندنا، فإن كان واقعا بصنعاء فأنتم أعرف، وعلى ما فيه فلعل له عذرا وأنت تلوم.

وهو أنه قد تقرر أن الضرورات تبيح المحظورات، قال تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله} (٣) إلى قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (٤) فقد تكون الضرورة ألجأته إلى العمل بالأجرة فيما يسد خلته، ويقوم بأود عياله، ويسد رمقه، ويبلغ به البلغة من العيش، وأنه لا يجب عليه أكل الميتة وثمة شيء يتناوله وينتفع بإيقاده، فيحصل من أجرة الإيقاد ما يقتات به،


(١) [المائدة: ٥٤].
(٢) إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم" (٢/ ٤٩٩).
(٣) [البقرة: ١٧٣].
(٤) [البقرة: ١٧٣]