للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما هؤلاء فقد عقدت لهم الذمة، وسلموا الجزية، فيكف يجوز أن نقيس المحاربين على المعاهدين في شيئين بينهما بون بعيد!.

قال: الدليل التاسع: حديث: "نزلوا الناس منازلهم" (١) وأدلة الكتاب والسنة والإجماع قاضية بأن منزلة المسلم أرفع من منزلة الكافر، فينبغي أن يعطى المسلم من المكاسب ما يليق بدرجته العلية، ويعطى الكفار ما يليق بمرتبته الدنية إلخ.

أقول: إن كان الأمر هنا للندب فالقصد منه الإرشاد، وإن كان المراد الوجوب فهو عام، وقد خصصته السنة بأحكام أهل الذمة، وتبيين منازلهم، وما سنه فيهم، ونحن نقول بموجب ذلك، ونقول: قد أقرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ومن بعده على أمور معروفة، وأخذوا منازلهم، فنحن حاذون حذوهم.

وقد يقال: إن من تعاطى الحرف الدنية من المسلمين فتلك منزلته، إذ لا يتعاطى ذلك إلا أراذل الناس وسفهاؤهم، وبالحكم الضروري والخبر النبوي أن في الناس رؤوسا وأذنابا فقد أعطي كل منزلته.

قال: الدليل العاشر: أخرج. . . (٢) البخاري (٣) ومسلم (٤) والترمذي (٥) والنسائي (٦) عن أنس مرفوعا: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" إلخ الحديث.

ليس على ظاهره لأنه إما أن يراد: لا يؤمن الإيمان الكامل، وذلك لا يضر، إذ الإيمان الكامل عزيز، والإيمان يزيد وينقص ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم، وعن الحسن أن رجالا سأله أمؤمن أنت؟ قال: الإيمان إيمانان، فإن كنت تسأل عن الإيمان بالله وملائكته


(١) تقدم تخريجه.
(٢) كلمة غير مقروءة.
(٣) في صحيحه رقم (١٣).
(٤) في صحيحه رقم (٤٥).
(٥) في السنن رقم (٢٥١٥) وقال: هذا حديث صحيح.
(٦) في السنن رقم (٨/ ١١٤ - ١١٥رقم٥٠١٣).