للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والجنة النار، والبعث والحساب، فأنا مؤمن، وإن كنت تسألني عن قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} (١) فوالله لا أدري أمنهم أنا أم لا (٢) انتهى.

وإما أن يراد به لا يؤمن أي: لا يكون مسلما بل كافرا، فالقاضي لا يقول بذلك، وقد تكلموا في معنى الحديث فقال بعض: إن هذا من الصعب الممتنع، قال المناوي: ولم يفهم معنى الحديث، وفسره المناوي بأن المعنى المراد هو أن تحب له حصول مثل ذلك من جهة لا تزاحم فيها، وقال ابن حجر (٣) قوله: لا يؤمن أي من يدعي الإيمان، والمراد بالنفي كمال الإيمان، ونفي اسم الشيء على معنى الكمال عنه مستفيض في كلامهم، كقولهم: فلان ليس بإنسان، فإن قيل: فيلزم أن يكون من حصلت له هذه الخصلة مؤمنا كاملا، وإن لم يأت ببقية الأركان [١٥] أجيب بأن هذا ورد مورد المبالغة أو استفاد من قوله لأخيه المسلم ملاحظة بقية صفات المسلم، وقد صرح ابن حبان (٤) من رواية ابن عدي عن حسين المعلم بالمراد ولفظه: لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان، ومعنى الحقيقة هنا الكمال ضرورة أن من لم يتصف بهذه الصفة لا يكون كافرًا، وبهذا يتم استدلال المصنف يعني: البخاري على أنه يتفاوت، وأن هذه الخصلة من شعب الإيمان، وهي داخلة في التواضع على ما سنقرره انتهى كلامه (٥).

قال: في الدليل الحادي عشر: ولا شك أن امتناعهم من القيام بهذه العهدة التي هي رأس المصالح قادح في جواز التقرير قادح.

أقول: لا يجوز القدح فيما أمر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، إذا عرفت أن النبي


(١) [الأنفال: ٢].
(٢) ذكره الزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٥٥٣).
(٣) في "الفتح" (١/ ٥٧).
(٤) في صحيحه (رقم ٢٣٥).
(٥) ابن حجر في "الفتح" (١/ ٥٧).