للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعدم القدرة على دوام الإعطاء بالفعل.

وإذا ثبت هذا الدوام للمقيد فالقيد مثله، ولا يتوقف دلالة ذلك على محل النزاع، على كون إنزال الصغار بهم الذي هو القيد دائمًا بالفعل لعدم إمكان الوفاء بذلك من القدر البشرية، فإلزامهم ما فيه صغار من المهن الدنية ونحوها كاف في إصغارهم، وانفكاكهم عن مباشرة ذلك في بعض الأوقات، كوقت النوم، والطعام، والراحة لا يقدح في حصول الأثر؛ لأنهم صاغرون بجعلنا لذلك لاصقًا بهم كما ترى المتمسكين بالوظائف الوضعية، والمكاسب الدنية، ولا يريد إنزال كل صغار بكل فرد منهم؛ لعدم وفاء قدرهم به، وقدرنا، بل إنزال ما هو أشد الأنواع وأعظمها في الإذلال، ولا أفظع وأوضع من الالتقاط، لا سيما ومباشرته محرمة على المسلمين شرعًا.

وإن أردتم عدم الدوام بالنظر إلى وقت المقيد فهذا لا يقول به أحد. وقد تقرر أن [٢] الحال كاشفة لهيئة الصاحب حال تلبسه بعاملها، وإن لم تكن جملة اسمية، فكيف إذا كانت كذلك!.

قال - حفظه الله -: قال في دلائل الإعجاز (١): إذا قلت: جاء زيد وهو مسرع، أو غلامه يسعى بين يديه، أو وسيفه على كتفه كان المعنى أنك بدأت وأثبت المجيء، ثم استأنفت خبرًا، وابتدأت إثباتًا ثانيًا لما هو مضمون الحال، ولهذا احتيج إلى ما يربط الجملة الثانية بالأولى، فجيء بالواو كما جيء بها في نحو: زيد منطلق وعمرو ذاهب. انتهى. ثم نقل - حفظه الله - كلامه من موضع آخر مثل هذا.

أقول: هذا مسلم ولا يضرنا؛ لأنا نثبت اتصاف صاحب الحال بمضمونها قبل ملابسته لعاملها، ولم ندع في محل النزاع لزوم الصغار في شرعنا لليهود قبل إعطاء الجزية، وضرب الذمة، بل من وقت الإعطاء والضرب. وصاحب (٢) دلائل الإعجاز لا


(١) (ص ٢٠٢)، (ص ٢١٤) وقد تقدم.
(٢) أي الجرجاني.