للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرباب الإنصاف عليه هو نصر ما يختار منها بالحجج العقلية أو النقلية، أو مجموعهما، لا مجرد الأقوال، والله - جل جلاله - قد أطلق الصغار في كتابه، ولم يقيده بفرد معين ولا بأفراد، ولا بلغنا عن رسوله ما يصلح للتقييد، فعولنا عند ذلك على ما يقتضيه جوهر اللفظ، قائمين في مقام المنع، قائلين: أين دليل التعيين؟ ولا شك أن وظيفة المدعي للتعيين بعد سمعه لمنع دليله ليست إلا إبراز الدليل كما تقرر في علم الجدل.

قال العلامة العضد في آداب البحث (١): إذا قلت بكلام، إن كنت ناقلًا فيطلب منك الصحة، أو مدعيًا فالدليل فنحن مائلون مع جوهر اللفظ القاضي بجوار إلصاق ما فيه صغار، لم يمنعه منه الشارع لهم، لصدق اسمه، على أنه ليس في كلام هذا الإمام ما يشعر بقصر الصغار على ما ذكره، حتى يكون كلامه دليلًا لكم، والتنصيص على البعض لا ينفي غيره. غاية الأمر أنه اقتصر على ذكر ما جرت به غالب العادات عند إعطاء الجزية، وأنه قادح في محل النزاع وما نقلتموه من الثمرات (٢) كذلك.

وقوله: أو يبذل الجزية فيقر على ذلك.

وقلنا: إن أراد - رحمه الله - أن مجرد بذل الجزية مجوز للتقرير كما تشعر به ظاهر العبارة ممنوع، والسند وهم صاغرون، وإن أراد مع غيره فمسلم ولا يضرنا.

وأما المنقول عن السيوطي (٣) رواية عن المغيرة فهذه هيئة لم تثبت عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، ولا أمر بها، ولا فسر بها كتاب الله تعالى. ولهذا قال النووي (٤): أنها هيئة باطلة، وثبوت مثل هذا لا يصلح ردًّا على من قال: إنها هيئة لم


(١) انظر "الكوكب المنير" (٤/ ٣٥٤ وما بعدها).
(٢) للفقيه يوسف بن أحمد الثلائي اليمني.
(٣) في "الدر المنثور" (٤/ ١٦٨).
(٤) في "روضة الطالبين" (١٠/ ٣١٦).