للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيره إن بينوا نوعًا من أنواع الصغار، وهو الواقع حال إعطاء الجزية، ولم يتعرضوا لنفي غيره، وهذه كتب اللغة على ظهر البسيطة لم يخص أحد من أهلها الصغار بمثل هذا النوع، بل فسره بعضهم بالذلة، وبعضهم بها مع الإهانة، والواجب علينا عند فقد التفسير المرفوع تفسير كتاب الله بما تقتضيه لغة العرب، وقد وجدنا لغة العرب مشعرة بأعم من الصغار الواقع حال إعطاء الجزية فقلنا: يجوز إجبارهم على الالتقاط آخذًا بذلك، فهل في هذا من ضير؟.

وأما [٨] أئمة البيان فقد عرفت كلامهم في الجملة الاسمية الواقعة حالًا أنها تدل على دوام مدلولها لصاحب الحال، مدة ثبوت عاملها له، ونحن لا ندعي غير ذلك، لكن بذلك التحقيق الذي أسلفناه، وإنما أردنا بقولنا أحدًا بظاهر التقييد دفع ما يسبق إلى نظر من يسري إلى ذهنه حال الوقوف على ذلك ما قاله النحاة، من أن الحال قيد في عاملها، من غير التفات إلى ما تقرر في البيان والأصول، على ما هو المذهب الحق من عدم اشتراط بقاء المعنى في إطلاق المشتق، كما وقع لبعض الناظرين في حل الإشكال، فتأمل هذا في نظائر محل النزاع.

قال: هكذا فسره السلف بصغار مخصوص حال إعطاء الجزية، ولو قلنا بعدم الاختصاص لم يلزمنا إجبارهم على التقاط العذرة؛ إذ ما صدق عليه الصغار كاف في المقصود.

أقول: قد عرفت أن عمر بن الخطاب (١)، وعمر بن عبد العزيز (٢) فسر الصغار بما هو أعم من ذلك، وكذلك أئمة أهل البيت (٣) - عليهم السلام - وغيرهم. وتفسير بعض السلف به بصغار مخصوص من دون ادعاء القصر لا يعارض ما ثبت عن البعض الآخر، ولا يقيد مطلق الآية، ومع أداء القصر تنزيلًا منا.


(١) تقدم ذكره.
(٢) تقدم ذكره.
(٣) انظر "الأزهار" (٣٠/ ٧٧٤ مع السيل الجرار).