للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البعض الذي نقل إلينا الزيادة أولى بالقبول، ولم يقع منافيه للمزيد؛ فهي مجمع على العمل بها، وهذا على فرض أن تفسير بعض السلف حجة علينا، وقد عرفت بيان بطلانه فدع الجميع، وانظر إلى مطلق القرآن وفسره بما تقتضيه لغة العرب:

فما كل بيضاء الترائب زينب

قولكم: لم يلزمنا إجبارهم.

قلنا: النزاع أعم من ذلك إن أردتم باللزوم الوجوب، وهذا الدليل كاف في الأعم وإن دل بعض أدلة حل الإشكال (١) على الوجوب كما قررناه هنالك، وسيأتي له مزيد بيان.

قال: ولا يلزم ذلك؛ لأنا نقول: إن الإعطاء في الآية بالفعل، والصغار الذي هو قيد الإعطاء كذلك بالفعل، وإذا حصل الإعطاء والصغار بالفعل صدق عليهم أنهم معطون بالقوة، وصاغرون بالقوة، إذا كانت بالفعل كانت بالقوة، ولا عكس.

أقول: قد عرفت مما أسلفناه أن الآية تدل على ما هو أعم من الإعطاء بالفعل، وإلا لزم ما ذكرناه، وعرفت أن الصغار الذي جعل كافيًا هنا لم يدل دليل على تقييد المطلق به، ولا قائل به على جهة القطع والبت أحد، والتنصيص عليه لا يستلزم القول بأنه متعين، وهذا قد قرر في مواطن من هذه الرسالة فلا نطول بإعادته.

قال: الإجماع حاصل على جواز تأبيد (٢) صلح الكتابي بالجزية، وأنواع صغار مخصوصة من أنواع الصغار لا على أعظم أنواع الصغار، فإلزام أعظم أنواع الصغار محتاج إلى دليل، وعلى فرض ثبوت دليل فقد [٩] جعلوا عمل الأمة بخلاف الدليل علة فيه.

أقول: إن أردتم بقولكم مخصوصة أفرادًا، معينة مثل الصغار حال إعطاء الجزية، أو نحوه، فما الدليل على ذلك مع إطلاق القرآن؟ فإن قلتم تفسير بعض السلف وبعض


(١) في الرسالة رقم (١٦٦).
(٢) تقدم توضيحه. وانظر: "المغني" (١٣/ ٢٠٧ - ٢٠٨).