للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: الشرع غير قاض عن المساواة مطلقًا؛ ألا تراه قد أجاز الشرع تساويهم في الحرف الدنية غير هذه إلخ.

أقول: لم نقل إلا أن فحوى الخطاب (١) ولحنه قاضيان بمنعهم عن مساواة المسلمين في مثل هذه الخصلة إلخ. فلا يرد علينا تجويز الشارع مثل ذلك في سائر الحرف الدنية؛ لأنا لم ندع المنع من المساواة مطلقًا، بل ادعيناه في هذه الخصلة، وفي ما هو أشد ضررًا منها على المسلمين، وهو محل النزاع، فلا يتم لكم إلزامنا بذلك إلا بعد بيان أنه مساوِ لخصلة النزاع في تأثر الذلة، والقدح في العزة [عه] (٢)، وفحوى الخطاب من أقوى المفاهيم وكذلك لحنه. فإذا قضيا بمنع المساواة فكيف لا يقضيان بمنع تفضيل اليهود على المسلمين في هذه الخصلة الذي يستلزمه إعفاؤهم عنها، وإلصاقها بالمسلمين من القائلين بالعمل بالمفهوم! فما عذركم في ترك العمل به هاهنا؟. وإن كنتم من المانعين من العمل به فما الدليل على ذلك؟ فإن مفهوم الموافقة كما نحن بصدده معمول به في كثير من الأحكام، ومقبول عند الخاص والعام، وخلاف من خالف في العمل بالمفهوم ليس على الإطلاق، بل مقيدًا لمفهوم المخالفة، ولهذا لم يقع الخلاف في مفهوم الموافقة إلا من حيث إنه من باب المفهوم، أو من باب القياس، ومن حيث قطعيته وظنيته. وقد عرفتم [٢٠] ما حررناه في تسميد الأرض، فلا حجة لكم فيه.

وقولكم: لم يسمع أن أحدًا من العلماء إلى الآن، مع تطاول الأزمان إلخ. قد أسلفنا لكم الكلام عليه، فلا نطول بإعادته.

قال: لا قياس، فإن قضية بني النضير في صدر الإسلام بعد قضية بدر التي عاتب الله فيها نبيه في الفداء إلى آخر البحث.

أقول: هذا معلوم لكل ناقل، ولم نقل إلى أن إجلاءهم لم يكتب عليهم إلا لمراعاة


(١) تقدم توضيحه.
(٢) كلمة غير واضحة في المخطوط.