هذا على فرض أنهم قد تمسكوا بما يدل على ذلك، وقد عرفت مما قدمنا أنهم لم يأتوا بشيء مما يصلح للتمسك به، وقد ثبت بالقطع الذي لا يخالف فيه مسلم أن أصل أموال العباد التحريم، وأن المالك للشيء مسلط عليه، محكم فيه، ليس لغيره فيه إقدام، ولا إحجام، ولا تصرف إلا بدليل يدل على ذلك كالحقوق الواجبة في الأموال، وقد أشرنا إليها فيما سبق فمن ادعى أنه يحل له أخذ مال أحد من عباد الله ليضعه في طريق من طرق الخير، وفي سبيل من سبل الرشد لم يقبل منه ذلك إلا بدليل يدل على ذلك بخصوصه، ولا يفيده أنه يريد وضعه في موضع حسن، وصرفه في مصرف صالح، فإن ذلك ليس إليه بعد أن صار المال ملكًا لمالكه، وهذا لا يخفى على أحد ممن له أدنى علم بهذه الشريعة المطهرة، وبما ورد في الكتاب والسنة، وسأضرب لك هاهنا مثلًا يزيدك فائدة، ويوضح لك ما ذكرناه، وهو أن رجلًا لو كان له مال كثير، وقد أخرج زكاته الواجبة عليه، وفعل ما يجب عليه فيه فقال من له سلطان: لا عذر لهذا الرجل الغني الكثير المال من إخراج بعض من ماله [٥ ب] يصرف في فقراء المسلمين، وفي محاويج