للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون هذا الحديث، ولا حديث سفينة السابق من الأحاديث التي هي واردة في الصور، بل من الأحاديث الواردة في الستور والزينة. وقد أوردهما بعض من أخرجهما في باب التصوير، وبعضهم في باب الستور.

وأخرج أبو داود (١) عن جابر بن عبد الله أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه زمن الفتح، وهو بالبطحاء، أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، فلم يدخلها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حتى محيت كل صورة فيها.

وأخرج مسلم (٢)، وأبو داود (٣)، والنسائي (٤) من حديث ميمونة أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني، فلما لقيه جبريل قال: إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة".

والأحاديث في هذا الباب كثيرة، ولو لم يكن منها إلا الأحاديث الواردة في ذم المصورين ولعنهم، وذم من ذهب يخلق كخلق الله تعالى. والمراد هنا الاستدلال على ما طلبه السائل - كثر الله فوائده - والبعض مما ذكرناه هنا يكفي.

المسألة الثانية: قوله: وبعد صحة النهي، هل يحمل على التحريم أو على الكراهة؟.

وأقول: قد قررنا فيما سبق أن الأدلة الدالة على أن المصور يعذب في النار يستفاد منها التحريم استفادة لا كالاستفادة للتحريم من النهي لما قدمنا؛ فالتصوير للصور الحيوانية حرام، وبيانه أن المصور توعده الشارع بأنه يعذب في النار، وكل من توعده الشارع بأنه يعذب في النار فاعل لمحرم، فالمصور فاعل لمحرم، أما الصغرى فبالأحاديث الصحيحة المذكورة سابقًا.

وأما الكبرى فلما تقرر في هذه [٢ ب] الشريعة الإسلامية أنه لا يوجب النار ترك


(١) في "السنن" رقم (٤١٥٦) بإسناد حسن
(٢) في صحيحه رقم (٢١٠٥)
(٣) في "السنن" رقم (٤١٥٧)
(٤) في "السنن" رقم (٤٢٨٨). وهو حديث صحيح