للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في كتب الله -عز وجل- المتقدمة، وكما في القرآن العظيم مما يكثر تعداده، ويطول إيراده، وهو لا يخفى مثله على أحد من المسلمين الذين يقرؤون القرآن لبلوغه في الكثرة إلى غاية يشترك في معرفتها المقصر والكامل.

وإن كان بالعقل فليس في العقل ما يقتضي إثبات اللذة النفسانية، ونفي اللذة الجسمانية، بل لا مدخل للعقل هاهنا، ولا يتعول عليه أصلا. وإن كان لا يعتبر عقل، ولا شرع، بل لمجرد الزندقة، والمروق من الأديان كلها، والمخالفة لما ورد في كتب الله -سبحانه-[١٠] فبطلان ذلك مستغن عن البيان.

وأما قوله: "كما قال النبي داود متعجبا من عظمتها: ما أكثر وما أجزل خيرك الذي خبأته للصالحين الطائعين لأمرك! "، فهذا عجب منه -عليه السلام- من كثرة خير الله -سبحانه-، وجزالة ما خبأه للصالحين (١) من عباده الطائعين لأمره في الدار الآخرة، وهو دليل على الملعون لا له، فإن كلامه هذا هو ككلام سائر أنبياء الله في استعظام ما أعده الله للصالحين من عباده، كما قال نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" (٢). ومثله في القرآن الكريم في قوله تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} (٣).

وأما قوله: "وهكذا العلماء: العالم المستقبل، ليس فيه لا أكل، ولا شرب إلى آخره" فيقال له: إن أردت علماء الملة اليهودية، فهم الذين لعنوك وكفّروك بسبب هذه


(١) قال تعالى:} مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ {[محمد: ١٥].
وانظر الآيات: [البقرة: ٢٥]، [الرعد: ٣٥]، [إبراهيم: ٢٣].
(٢) أخرجه البخاري رقم (٨٤٩٨) ومسلم في صحيحه رقم (٢/ ٢٨٢٤) من حديث أبي هريرة.
(٣) [السجدة: ١٧]