للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله - سبحانه -: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ} (١) فقد أمكن الجمع بحمل هذه الآيات على هذا المعنى.

فإذا حضر الأجل لم يتأخر ولا يتقدم. وفي غير هذه الحالة يجوز أن يؤخره الله بالدعاء أو بصلة الرحم، أو بفعل الخير. ويجوز أن يقدمه لمن عمل شرا وقطع ما أمر الله به أن يوصل، وانتهك محارم الله - سبحانه -.

فإن قلت: فعلام يحمل نحو قوله - عز وجل -: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} (٢) وقوله سبحانه: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} (٣) وكذلك سائر ما ورد في هذا المعنى؟

قلت: هذه أولا معارضة بمثلها وذلك قوله - عز وجل -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (٤). ومثل ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح (٥) القدسي: " يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد شرا، فلا يلومن إلا نفسه .. ".

وثانيًا: بإمكان الجمع بحمل مثل قوله: {إلا في كتاب} وقوله: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} على عدم التسبب من العبد بأسباب الخير من الدعاء، وسائر أفعال الخير، وحمل ما ورد فيما يخالف ذلك على وقوع التسبب بأسباب الخير الموجبة لحسن القضاء، واندفاع شره. وعلى وقوع التسبب بأسباب الشر المقتضية لإصابة


(١) [نوح:٤].
(٢) [الحديد: ٢٢].
(٣) [التوبة:٥١].
(٤) [الشورى:٣٠].
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٢٥٧٧).