قال ابن قدامة: ولنا قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا ضرر ولا ضرار " ولأن هذا إضرار بجيرانه، فمنع منه، كالدق الذي يهز الحيطان وينثرها، وكسقي الأرض الذي يتعدى إلى هدم حيطان جاره، أو إشعال نار تتعدى إلى إحراقها قالوا: هاهنا تعدت النار التي أضرمها، والماء الذي أرسله، فكان مرسلا لذلك في ملك غيره، فأشبه ما لو أرسله إليها قصدا. قلنا: - ابن قدامة -: والدخان هو أجزاء الحريق الذي أحرقه، فكان مرسلا في ملك جاره فهو كأجزاء النار والماء، وأما دخان الخبز والطبخ فإن ضرره يسير ولا يمكن التحرز منه، وتدخله المسامحة. ثم قال: وإن كان سطح أحدهما أعلى من سطح الآخر، فليس لصاحب الأعلى الصعود على سطحه على وجه يشرف على سطح جاره، إلا أن يبني سترة تستره. قال الشافعي: لا يلزمه عمل سترة لأن هذا حاجز بين ملكيهما فلا يجبر أحدهما عليه كالأسفل. قال ابن قدامة: ولنا أنه إضرار بجاره ... وذلك لأنه يكشف جاره، ويطلع على حرمه، فأشبه ما لو اطلع عليه من صير بابه أو خصاصه، وقد دل على المنع من ذلك قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو اطلع في بيتك أحد ولم تأذن له فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح ". وهو حديث صحيح. أخرجه البخاري رقم (٦٩٠٢) ومسلم رقم (٢١٥٨). انظر: " المجموع " للنووي (١٣/ ٨٦، ٩١، ١٠٠، ١٠٤).